( ) مما يمكن مجيئه هنا لا كالريح بالليل واستشكله جمع بأن من ذلك الجوع ويبعد ترك الجمعة به وبأنه كيف يلحق فرض العين بما هو سنة أو فرض كفاية قال ولا جمعة على معذور بمرخص في ترك الجماعة السبكي لكن مستندهم قول رضي الله عنهما الجمعة كالجماعة ويجاب بما أشرت إليه آنفا وهو منع قياس الجمعة على الجماعة بل صح بالنص أن من أعذارها المرض فألحقوا به ما هو في معناه مما مشقته كمشقته أو أشد وهو سائر أعذار الجماعة فاتضح ما قالوه وبان أن كلام ابن عباس مقو لما سلكوه لا أنه الدليل لما ذكروه ومن العذر هنا [ ص: 409 ] ما لو تعين الماء لطهر محل النجو ولم يجد ماء إلا بحضرة من يحرم نظره لعورته ولا يغض بصره عنها ؛ لأن في تكليف الكشف حينئذ من المشقة ما يزيد على مشقة كثير من الأعذار وهل من العذر هنا خلف غيره عليه أن لا يصليها لخشيته عليه محذورا لو خرج إليها لكن المحلوف عليه لم يخشه وذلك ؛ لأن في تحنيثه حينئذ مشقة عليه بإلحاقه الضرر لمن لم يتعد بحلفه فإبراره كتأنيس مريض بل أولى ابن عباس
وأيضا فالضابط السابق يشمل هذا إذ مشقة تحنيثه أشد من مشقة نحو المشي في الوحل كما هو ظاهر أو ليس ذلك عذرا ؛ لأن مبادرته بالحلف في هذا قد ينسب فيها إلى تهور فلا يراعى كل محتمل ولعل الأول أقرب إن عذر في ظنه الباعث له على الحلف لشهادة قرينة به ( و ) لا على ( مكاتب ) ؛ لأنه عبد ما بقي عليه درهم وقيل : تجب عليه ( وكذا من بعضه رقيق ) لا جمعة عليه ، ولو في نوبته ( على الصحيح ) لعدم استقلاله وعطفهما مع عدم وجوب الجماعة عليهما أيضا ليشير للخلاف في المبعض وكذا المكاتب كما مر ، وإن كان المتن مصرحا بأنه لا خلاف فيه ( ومن صحت ظهره ) ممن لا جمعة عليه ( صحت جمعته ) إجماعا قيل تعبيرا أصله بأجزأته أصوب لإشعاره بسقوط القضاء بخلاف الصحة . ا هـ . وهو ممنوع [ ص: 410 ] بل هما سواء كما هو مقرر في الأصول
( وله ) أي من لا تلزمه ( أن ينصرف ) قيل تعبيره به لا يستلزم الترك . ا هـ . وليس في محله لأن الكلام في المعذور الذي لا تلزمه وهو صريح في أن له الترك من أصله فتخيل عدم ذلك الاستلزام عجيب وحاصل كلامه أن جواز الترك من أصله للمعذور لا تفصيل فيه وإنما التفصيل في الانصراف بعد الحضور ( من الجامع ) يعني من محل إقامتها وآثر الجامع ؛ لأن الأغلب إقامتها فيه قبل الإحرام بها لا بعده ؛ لأن نقصه المانع لا يرتفع بحضوره ( إلا المريض ونحوه ) ممن عذر بمرخص في ترك الجماعة ، ولو أكل كريه كما شمله ذلك وتضرر الحاضرين به يحتمل أو يسهل زواله بتوقي ريحه ( فيحرم انصرافه إن دخل الوقت ) لزوال المشقة بحضوره ( إلا أن يزيد ضرره بانتظاره ) لفعلها فيجوز انصرافه ما لم تقم [ ص: 411 ] إلا إذا تفاحش ضرره بأن زاد على مشقة المشي في الوحل زيادة لا تحتمل عادة فيما يظهر فله الانصراف ، وإن أحرم بها أما قبل الوقت فله الانصراف مطلقا ، ولو أعمى لا يجد قائدا كما شمله إطلاقهم ، وإن حرم انصرافه بعد دخول الوقت اتفاقا
واستشكل ذلك السبكي وتبعه الإسنوي والأذرعي بأنه ينبغي إذا لم يشق على المعذور الصبر أن يحرم انصرافه كما يجب السعي قبله على بعيد الدار ويجاب بأن بعيد الدار لم يقم به عذر مانع وهذا قام به عذر مانع فلا جامع ، ثم رأيت شيخنا أجاب بما يئول لذلك ، فإن قلت فلم فرق فيه بين دخول الوقت وعدمه مع زوال المشقة في كل قلت : لأنه عهد أنه يحتاط للخطاب بعده لكونه إلزاميا ما لا يحتاط له قبله لكونه إعلاميا وأما بعيد الدار فهو إلزامي فيهما فاستويا في حقه وتردد الأذرعي في والذي يتجه أنه إن ترتب على عدم قطعه فوت نحو مال للسيد قطع ، كما يجوز القطع لإنقاذ المال أو نحو أنس فلا . قن أحرم بها بغير إذن سيده وتضرر بغيبته ضررا لا يحتمل
( تنبيه ) ظاهر كلامهم أنه لو ، وإن جوزنا تعددها لقيام العذر بهم [ ص: 412 ] وليس كما لو حضر المريض مع غيره لأن المانع مشقة الحضور وقد زالت بحضوره مع كونه تابعا لهم ومتحملا مشقة الحضور وأما مسألتنا فليس فيها ذلك ؛ لأن الفرض أنهم بمحل واحد كما تقرر ويؤخذ من ذلك ترجيح ما قاله كان أربعون من نحو المرضى بمحل لم تلزمهم إقامة الجمعة فيه السبكي أنه لو اجتمع في الحبس أربعون لم تلزمهم بل لم تجز لهم إقامة الجمعة فيه لقيام العذر بهم وأيده بأنه لم يعهد في زمن إقامتها في حبس مع أن حبس كان يجتمع فيه العدد الكثير من العلماء وغيرهم فقول الحجاج الإسنوي القياس أنها تلزمهم لجواز التعدد عند عسر الاجتماع فعند تعذره أولى فيه نظر ؛ لأن الحبس عذر مسقط وبه يندفع قوله : أيضا فيلزم الإمام أن ينصب من يقيم لهم الجمعة ا هـ
ولو قيل : لو لم يكن بالبلد غيرهم وأمكنهم إقامتها بمحلهم لزمتهم لم يبعد ؛ لأنه لا تعدد هنا والحبس إنما يمنع وجوب حضور محلها وقول السبكي المقصود من الجمعة إقامة الشعار لا ينافي ذلك ؛ لأن إقامته موجودة هنا ألا ترى أن الأربعين لو أقاموها في صفة بيت وأغلقوا عليهم بابه صحت ، وإن فوتوها على غيرهم كما يعلم مما يأتي ( وتلزم الشيخ الهرم والزمن ) يعني من لا يستطيع المشي ، وإن لم توجد حقيقة الهرم وهو أقصى الكبر والزمانة وهي الابتلاء والعاهة ( إن وجدا مركبا ) ، ولو آدميا لم يزر به ركوبه كما هو ظاهر بإعارة أي لا منة فيها بأن تفهت المنفعة جدا فيما يظهر ويحتمل أنه في الآدمي لا فرق أخذا مما يأتي في بذل الطاعة للمعضوب في الحج وعللوه باعتياد المسامحة بالارتفاق في بدن الغير ما لم يعتد به في ماله وقد يفرق بأن الحج يحتاط له أكثر ؛ لأنه لا يجب في العمر إلا مرة ولا مجزئ عنه أو إجارة بأجرة مثل وجدها فاضلة عما يعتبر في الفطرة كما هو [ ص: 413 ] ظاهر ( ولم يشق الركوب ) عليهما كمشقة المشي في الوحل إذ لا ضرر ( والأعمى يجد قائدا ) ، ولو بأجرة مثل كذلك
فإن فقده أو وجده بأكثر من أجرة المثل أو بها وفقدها أو لم تفضل عما مر لم يلزمه ، وإن اعتاد المشي بالعصا كما قاله جمع منهم المصنف في تعليقه على التنبيه خلافا لآخرين ، وإن قرب الجامع منه خلافا للأذرعي لأنه قد تحدث حفرة أو تصدمه دابة فيتضرر بذلك .