( فإن اجتمعوا للشكر ) على تعجيل مطلوبهم قال تعالى { تأهبوا للصلاة ) ولو للزيادة المحتاج إليها ( فسقوا قبلها لئن شكرتم لأزيدنكم } ( والدعاء ) بطلب الزيادة إن احتاجوها ( ويصلون ) الصلاة الآتية ويخطبون أيضا للوعظ ويؤخذ منه أنهم ينوون صلاة الاستسقاء ولا ينافيه قولهم الآتي شكرا ( على الصحيح ) شكرا أيضا وبه يفرق بين هذا وما لو وقع الانجلاء بعد اجتماعهم ، ووجهه أن القصد بالصلاة ثم رفع التخويف المقصود بالكسوف كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة وقد زال وهنا تجديد الشكر على هذه النعمة الظاهرة ولم يفت ذلك [ ص: 68 ] أو بعدها لم يخرجوا لشكر ولا لدعاء ( ويأمرهم ) أي الناس ندبا ( الإمام ) أو نائبه ويظهر أن منه القاضي العام الولاية لا نحو والي الشوكة وأن يعتبر ذو الشوكة المطاع فيها ثم رأيت الأنوار صرح به فقال ويأمرهم الإمام أو المطاع ( بصيام ثلاثة أيام ) متتابعة ( أولا ) أي قبل يوم الخروج وبصوم الرابع الآتي ويصوم معهم ؛ لأن الصوم يعين على رياضة النفس وخشوع القلب وبأمره بالثلاثة أو الأربعة يلزمهم الصوم [ ص: 69 ] ظاهرا وباطنا بدليل وجوب تبييت نيته عليهم على المعتمد كما شمله قولهم يجب التبييت في الصوم الواجب ويظهر أنه لا يجب قضاؤها لفوات المعنى الذي طلب له الأداء وأنه لو نوى به نحو قضاء أثم ؛ لأنه لم يصم امتثالا للأمر الواجب عليه امتثاله باطنا كما تقرر . البلاد التي لا إمام بها
[ ص: 70 ] ومن ثم لو نوى هنا الأمرين اتجه أن لا إثم لوجود الامتثال ، ووقوع غيره معه لا يمنعه وأن الولي لا يلزمه أمر موليه الصغير به ، وإن أطاقه وأن من له فطر رمضان لسفر أو مرض لا يلزمه الصوم ، وإن أمر به ثم رأيت من بحث أن المسافر لا يلزمه إن تضرر به ؛ لأن الأمر حينئذ غير مطلوب لكون الفطر أفضل منه وفيه نظر لا سيما تعليله إذ ظاهر كلامهم وجوب مأموره ، وإن كان مفضولا بل ولو مباحا على ما يأتي ، وإنما لم يلزم نحو المسافر ؛ لأن مأموره غايته أن يكون كرمضان ، فإذا جاز الخروج منه لعذر فأولى مأموره .
وبحث الإسنوي أن كل ما أمرهم به من نحو صدقة وعتق [ ص: 71 ] يجب كالصوم ويظهر أن الوجوب إن سلم في الأموال وإلا فالفرق بينها وبين نحو الصوم واضح لمشقتها غالبا على النفوس ومن ثم خالفه الأذرعي وغيره إنما يخاطب به الموسرون بما يوجب العتق في الكفارة وبما يفضل عن يوم وليلة في الصدقة نعم يؤيد ما بحثه قولهم تجب ما لم يخالف الشرع أي بأن لم يأمر بمحرم وهو هنا لم يخالفه ؛ لأنه إنما أمر بما ندب إليه الشرع وقولهم يجب طاعة الإمام في أمره ونهيه إن جوزناه أي كما هو رأي ضعيف نعم الذي يظهر أن ما أمر به مما ليس فيه مصلحة عامة لا يجب امتثاله إلا ظاهرا فقط بخلاف ما فيه ذلك يجب باطنا أيضا ، والفرق ظاهر وأن الوجوب في ذلك على كل صالح له عينا لا كفاية إلا إن خصص أمره بطائفة فيختص بهم فعلم أن قولهم إن جوزناه قيد لوجوب امتثاله ظاهرا وإلا فلا إلا إن خاف فتنة كما هو ظاهر فيجب ظاهرا فقط وكذا يقال في كل أمر محرم عليه بأن كان بمباح فيه ضرر على المأمور به ، وإنما لم ينظر امتثال أمره في التسعير الإسنوي للضرر فيما مر عنه ؛ لأنه مندوب وهو لا ضرر فيه يوجب تحريم أمر الإمام به للمصلحة العامة بخلاف المباح [ ص: 72 ] وبهذا يعلم أن الكلام فيما مر في المسافر وفي مخالفة الأذرعي وغيره للإسنوي إنما هو من حيث الوجوب باطنا
أما ظاهرا فلا شك فيه بل هو أولى مما هنا فتأمله ثم هل العبرة في المباح والمندوب المأمور به باعتقاد الآمر ، فإذا يجب امتثاله ظاهرا فقط أو المأمور فيجب باطنا أيضا أو بالعكس فينعكس ذلك كل محتمل وظاهر إطلاقهم هنا الثاني ؛ لأنهم لم يفصلوا بين كون نحو الصوم المأمور به هنا مندوبا عند الآمر أو لا ويؤيده ما مر أن العبرة باعتقاد المأموم لا الإمام ولو عين على كل غني قدرا فالذي يظهر أن هذا من قسم المباح ؛ لأن التعيين ليس بسنة وقد تقرر في الأمر بالمباح أنه إنما يجب امتثاله ظاهرا فقط ( والتوبة ) لوجوبها فورا إجماعا ، وإن لم يأمر بها ( والتقرب إلى الله تعالى بوجوه البر ، والخروج من المظالم ) التي لله أو للعباد دما أو عرضا أو مالا وذكرها ؛ لأنها أخص أركان التوبة ؛ لأن ذلك أرجى للإجابة وقد يكون منع الغيث عقوبة لذلك لخبر أمر بمباح عنده سنة عند المأمور الحاكم { ، والبيهقي } وفي خبر ضعيف تفسير اللاعنين في الآية بدواب الأرض تقول نمنع القطر بخطاياهم . ولا منع قوم الزكاة إلا حبس الله عنهم المطر