الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            هو لقمان بن عنقاء بن سدون ، ويقال لقمان بن ثاران حكاه السهيلي عن ابن جرير والقتيبي .

            قال السهيلي : وكان نوبيا من أهل أيلة قلت : وكان رجلا صالحا ، ذا عبادة ، وعبارة ، وحكمة عظيمة ، ويقال : كان قاضيا في زمن داود عليه السلام . فالله أعلم .

            وعن ابن عباس قال : كان عبدا حبشيا نجارا . وعن عبد الله بن الزبير ، قلت لجابر بن عبد الله : ما انتهى اليكم في شأن لقمان ؟ قال : كان قصيرا ، أفطس من النوبة .

            وقال يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن سعيد بن المسيب ، قال : كان لقمان من سودان مصر ، ذا مشافر أعطاه الله الحكمة ، ومنعه النبوة .

            وقال الأوزاعي : حدثني عبد الرحمن بن حرملة قال : جاء أسود إلى سعيد بن المسيب يسأله فقال له سعيد : لا تحزن من أجل أنك أسود فإنه كان من أخير الناس ثلاثة من السودان ; بلال ، ومهجع مولى عمر ، ولقمان الحكيم ، كان أسود نوبيا ذا مشافر .

            وقال الأعمش عن مجاهد ، كان لقمان عبدا أسود عظيم الشفتين ، مشقق القدمين . وفي رواية : مصفح القدمين . وقال عمرو بن قيس : كان عبدا أسود غليظ الشفتين ، مصفح القدمين فأتاه رجل وهو في مجلس أناس يحدثهم فقال له : ألست الذي كنت ترعى معي الغنم في مكان كذا وكذا ؟ قال : نعم قال : فما بلغ بك ما أرى ؟ قال : صدق الحديث والصمت عما لا يعنيني . عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال : إن الله رفع لقمان الحكيم بحكمته فرآه رجل كان يعرفه قبل ذلك فقال : ألست عبد بني فلان الذي كنت ترعى بالأمس قال : بلى قال : فما بلغ بك ما أرى ؟ قال : قدر الله ، وأداء الأمانة ، وصدق الحديث ، وترك ما لا يعنيني .

            وعن عمر مولى غفرة قال : وقف رجل على لقمان الحكيم فقال : أنت لقمان أنت عبد بني الحسحاس قال : نعم قال : فأنت راعي الغنم الأسود قال : أما سوادي فظاهر فما الذي يعجبك من أمري قال : وطء الناس بساطك ، وغشيهم بابك ، ورضاهم بقولك قال : يا ابن أخي إن صنعت ما أقول لك كنت كذلك قال : ما هو ؟ قال لقمان : غضي بصري ، وكفي لساني ، وعفة مطعمي ، وحفظي فرجي ، وقيامي بعدتي ، ووفائي بعهدي ، وتكرمتي ضيفي ، وحفظي جاري ، وتركي ما لا يعنيني; فذاك الذي صيرني كما ترى .

            وعن أبي الدرداء أنه قال يوما ، وذكر لقمان الحكيم فقال : ما أوتي ما أوتي عن أهل ولا مال ولا حسب ولا خصال ، ولكنه كان رجلا صمصامة سكيتا طويل التفكر ، عميق النظر ، لم ينم نهارا قط ، ولم يره أحد يبزق ولا يتنخع ولا يبول ولا يتغوط ولا يغتسل ولا يعبث ولا يضحك وكان لا يعيد منطقا نطقه إلا أن يقول حكمة يستعيدها إياه أحد وكان قد تزوج ، وولد له أولاد فماتوا فلم يبك عليهم وكان يغشى السلطان ، ويأتي الحكام لينظر ويتفكر ويعتبر فبذلك أوتي ما أوتي.

            التالي السابق


            الخدمات العلمية