ملخص قصة يوسف بن يعقوب عليهما السلام:
هو نبي الله ابن الأكرمين يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، وقد جاءت قصته كاملة في سورة باسمه عليه السلام وفيها من العبر الكثير وقد ولد ليعقوب عليه السلام من أمه راحيل فدفعه أبوه إلى أخته وهي عمة يوسف عليه السلام تحتضنه ثم طلبه منها لفراغ قلبه لفراقه فأبت عليه، ولما كان في شريعتهم أن من سرق يسلم للمسروق يفعل فيه ما يشاء فقد كادت يوسف واتهمته بسرقة منطقة إسحاق ليسلم لها ويظل معها وهي السرقة التي ذكرها إخوته في قوله تعالى: إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل .
ولما ماتت عمته رجع إلى أبيه عليهما السلام فلما وجد إخوته شدة حب أبيه له، أرادوا قتله ثم عدلوا عن ذلك بأن ألقوه في غيابة الجب ليلتقطه بعض المسافرين في الطريق عند استقائهم من البئر وقد كان ذلك، ولما رجعوا إلى أبيهم كذبوا عليه بأن يوسف قد أكله الذئب عن غفلة منهم، وقد حزن عليه يعقوب عليه السلام حزنا شديدا ذهب معه بصره فعمي.
ولما أخذ يوسف عليه السلام بيع في مصر بدراهم معدودة، وقال الذي اشتراه لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا فيكفينا بعض الأعمال أو نتخذه ولدا، ولما شب يوسف أتاه الله العلم والحكمة قبل النبوة وكان قد رزق الجمال والعقل فأشربت امرأة العزيز حبه وراودته عن نفسه فأبى عليها ولما اشتهر ما كان من أمرها في مراودته وتأبيه عليها، وتحدثت بذلك النساء ورأين منه ما لا صبر لهن عليه وأكبرنه وقطعن أيديهن، فقد رأوا أن يحبسوه، وقد كان، ودخل السجن ودخل معه فتيان، أحدهما صاحب طعام فرعون مصر، والثاني صاحب شرابه، وقد قصا على يوسف عليه السلام كل منهما رؤيا وقد فسرها لهما أما أحدهما فكان موجب تفسير رؤيته أنه يسقي الفرعون وينجو من السجن وأما الآخر فسيصلب، وقد قال يوسف عليه السلام للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك يعني سيده عسى أن يخرج فأنساه الشيطان فلبث في السجن بضع سنين حتى كان ما كان من رؤيا فرعون مصر التي أفزعته وسأل علماء مملكته فلم يقدروا على تفسيرها وقالوا أضغاث أحلام وهنا تذكر الفتى الساقي الذي نجا وذهب إلى يوسف عليه السلام وقص عليه رؤيا الملك ففسرها له أحسن ما يكون من تفسير وهنا قال الملك ائتوني به إلا أن يوسف أبى أن يخرج حتى تعلم براءته أمام الخلق فطلب أن يسأل الملك أولا عن شأن النسوة اللاتي قطعن أيديهن، فلما سئلن قلن حاشا لله ما علمنا عليه من سوء وهنا ظهر الحق وبان واعترفت امرأة العزيز بأنها هي التي راودته عن نفسه وقد استعصم منها.
فعندئذ خرج يوسف من السجن معززا مكرما ممكنا، فقال للملك اجعلني على خزائن الأرض، وكان ما أراد عليه السلام، وقيل: إن الله جمع بينه وبين امرأة العزيز في الحلال بعدما ردها الله تعالى بفضل دعائه شابة، وتمر السنون ويأتي إليه إخوته يطلبون الميرة وقد عرفهم وهم لم يتعرفوا عليه ثم يكيد لهم عليه السلام ليأخذ أخاه معه، وضم أخاه بالحيلة التي جاء ذكرها مفصلا في كتاب الله ثم ما فتئ أن واجهه إخوته بما كان منهم من فعلهم بيوسف وأخيه وهم جاهلون وهنا تنبهوا إليه وتعرفوا عليه واجتمع الشمل وظهر معدن النبوة السمح فعفا ولم يعاتب وضم إليه إخوته وأبيه وأمه، ورد الله على أبيه بصره، وخروا جميعا له سجدا وقد كان هذا جائزا في شريعتهم وصار تأويل رؤياه صدقا.