الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            فلما اشترى يوسف وأتى به إلى منزله قال لامرأته ، واسمها راعيل أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا [ فيكفينا ] إذا [ هو بلغ و ] فهم الأمور بعض ما نحن بسبيله أو نتخذه ولدا ، وكان لا يأتي النساء ، وكانت امرأته حسناء ناعمة في ملك ودنيا .

            فلما خلا من عمر يوسف ثلاث وثلاثون سنة آتاه الله العلم والحكمة قبل النبوة ، وراودته راعيل عن نفسه وأغلقت الأبواب عليه وعليها ودعته إلى نفسها وقالت: هيت لك [12: 23] ، أي: تهيأت لك ، قال: معاذ الله [12: 23] .

            فأما قوله: وهم بها [12: 24] ، فإنه حديث الطبع وتمنيه نيل الشهوة لو كانت مباحة فإن الإنسان إذا صام اشتهى شرب الماء ، غير أن الصوم مانع ، فرأى البرهان وهو علمه بأن الله تعالى حرم الزنا ، ولا يلتفت إلى ما يروى في التواريخ والتفاسير من أنه رأى يعقوب عاضا على يده فإن مرتبة يوسف كانت أعلى من هذا .

            والشاهد الذي [شهد] كان طفلا صغيرا تكلم هكذا قال علماء السير وجعلت تذكر محاسنه وتشوقه إلى نفسها ، فقالت له : يا يوسف ما أحسن شعرك ! قال : هو أول ما ينتثر من جسدي . قالت : يا يوسف ما أحسن عينيك ! قال : هما أول ما يسيل من جسدي . قالت : ما أحسن وجهك ! قال : هو للتراب . فقام حين رأى برهان ربه هاربا يريد الباب ، فأدركته قبل خروجه من الباب فجذبت قميصه من قبل ظهره فقدته ، وألفيا سيدها لدى الباب - وابن عمها معه ، فقالت له - ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن . قال يوسف : بل هي راودتني عن نفسي فهربت منها فأدركتني فقدت قميصي . قال لها ابن عمها : تبيان هذا في القميص فإن كان قد من قبل فصدقت ، وإن كان قد من دبر فكذبت ، فأتي بالقميص فوجده قد من دبر فقال : إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم .

            وقيل : كان الشاهد صبيا في المهد . قال ابن عباس : تكلم أربعة في المهد وهم صغار ، ابن ماشطة امرأة فرعون ، وشاهد يوسف ، وصاحب جريج ، وعيسى ابن مريم .

            وقال زوجها ليوسف : أعرض عن هذا أي ذكر ما كان منها فلا تذكره لأحد ، ثم قال لزوجته . استغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين

            التالي السابق


            الخدمات العلمية