الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            في ذكر أن بني إسرائيل آذوا موسى فنسبوه إلى الآدر]

            إن قوما من بني إسرائيل عابوا موسى لكونه يغتسل مؤتزرا ، فقالوا إنه آدر . والآدر: العظيم الخصيتين .

            وعن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: "كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى بعض ، وكان موسى يغتسل وحده ، فقالوا: والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدر . فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه على حجر ففر الحجر بثوبه ، فجمع موسى في أثره يقول: ثوبي يا حجر ، ثوبي يا حجر ، حتى نظرت بنو إسرائيل إلى موسى عليه السلام ، وقالوا: والله ما بموسى من بأس ، وأخذ ثوبه فطفق بالحجر ضربا" . قال أبو هريرة: والله إنه لندب بالحجر ستة أو سبعة ضربا بالحجر .

            وقال الإمام أبو عبد الله البخاري بسنده عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن موسى كان رجلا حييا ستيرا ، لا يرى جلده شيء; استحياء منه ، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل ، فقالوا : ما يستتر هذا التستر إلا من عيب بجلده; إما برص وإما أدرة وإما آفة وإن الله ، عز وجل ، أراد أن يبرئه مما قالوا لموسى ، فخلا يوما وحده فوضع ثيابه على الحجر ، ثم اغتسل ، فلما فرغ أقبل على ثيابه ليأخذها ، وإن الحجر عدا بثوبه ، فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر فجعل يقول : ثوبي حجر ، ثوبي حجر . حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل فرأوه عريانا ، أحسن ما خلق الله وبرأه مما يقولون ، وقام الحجر فأخذ ثوبه فلبسه وطفق بالحجر ضربا بعصاه ، فوالله إن بالحجر لندبا من أثر ضربه ثلاثا أو أربعا ، أو خمسا قال : فذلك قوله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها فإن قيل: كيف خرج موسى عريانا حتى رآه الناس؟

            فيحتمل وجهين:

            . أحدهما: أنه خرج وليس هناك أحد فرأوه .

            والثاني: أنه كان عليه مئزر ، والإزرة تبين تحت الثوب المبتل بالماء .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية