وقوله تعالى : ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب ذكر ابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهما من المفسرين ، هاهنا ، آثارا كثيرة عن جماعة من السلف ، وأكثرها أو كلها متلقاة من الإسرائيليات ، وفي كثير منها نكارة شديدة ، وقد نبهنا على ذلك في كتابنا " التفسير " ، واقتصرنا هاهنا على مجرد التلاوة . ومضمون ما ذكروه أن سليمان عليه السلام غاب عن سريره أربعين يوما ، ثم عاد إليه ، ولما عاد أمر ببناء بيت المقدس ، فبناه بناء محكما ، وقد قدمنا أنه جدده وأن أول من جعله مسجدا إسرائيل ، عليه السلام ، كما ذكرنا ذلك عند قول أبي ذر : قلت : ومعلوم أن بين إبراهيم الذي بنى المسجد الحرام وبين سليمان بن داود عليهما السلام ، أزيد من ألف سنة ، دع أربعين سنة ، وكان سؤاله الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده ، بعد إكماله بناء البيت المقدس ، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله أي مسجد وضع أول ؟ قال : المسجد الحرام قلت : ثم أي ؟ قال : مسجد بيت المقدس قلت : كم بينهما ؟ قال : أربعون سنة " إن سليمان لما بنى بيت المقدس سأل ربه ، عز وجل ، خلالا ثلاثا ، فأعطاه اثنتين ، ونحن نرجو أن تكون لنا الثالثة ; سأله حكما يصادف حكمه ، فأعطاه إياه ، وسأله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده ، فأعطاه إياه ، وسأله أيما رجل خرج من بيته لا يريد إلا الصلاة في هذا المسجد خرج من خطيئته مثل يوم ولدته أمه ، فنحن نرجو أن يكون الله قد أعطانا إياها " .