ملخص قصص جماعة من الأنبياء
قصة شعيا بن أمصيا:
كان قبل زكريا ويحيى عليهم السلام، وهو ممن بشر بعيسى ومحمد عليهما السلام، وقد كان في زمنه ملك صالح يسمى صديقة وكان لا يقطع أمرا دون شعيا عليه السلام، ومما وقع في أيامه إهلاك الله سبحانه جيش ملك بابل سنحاريب لما أراد غزو بني إسرائيل، فأهلك الله تعالى جيشه ولم ينج منهم إلا سنحاريب وخمسة معه فيهم بخت نصر فأخذ صديقة ثم أمره شعيا أن يرسلهم إلى ديارهم لينذروا من خلفهم بما حصل لهم، وكان ذلك بعد أن ابتلي صديقة بمرض الموت فصبر ودعا الله تعالى فاستجاب الله له ومد في عمره خمسة عشر عاما.
ثم رجع سنحاريب وأنذر قومه وأعلمهم بما قد حصل ومكث فيه سبع سنين ومات.
وجاء الأجل إلى الملك صديقة فمات فمرجت بنو إسرائيل من بعده فقام فيهم شعيا واعظا إياهم فعدوا عليه فهرب وقد دخل في أصل شجرة مختبئا بها فأدركوه ونشروها ونشروه فيها عليه الصلاة والسلام.
وذكر في اسم الملك الذي كان في عهد شعيا غير ذلك من كلام أهل الكتاب.
قصة أرميا بن حلقيا وما كان من ذكر خراب بيت المقدس
كان أرميا عليه السلام غلاما من أبناء الملوك وكان زاهدا ولم يكن لأبيه غيره وقد رغب أبوه في أن يزوجه وكان يأبى ذلك حتى ألح عليه، وزوجه من امرأة فلم يمسها سنة حتى فرق بينهما ثم زوجه بأخرى فلم يمسها أيضا فغضب أبوه فهرب منه فبعثه الله تعالى نبيا مع أحد الملوك واسمه ناشية، إلى بني إسرائيل لما عصوا وبغوا وقتلوا الأنبياء.
فلما كان منهم ذلك طمع فيهم بخت نصر وقد أوحى الله تعالى إلى أرميا أن قم على صخرة بيت المقدس حتى يأتيك وحي فإني مهلك بني إسرائيل بعبدة النيران، فقام أرميا ودعا الله تعالى وبكى أن جعله آخر الأنبياء وجعل خراب بيت المقدس وهلاك بني إسرائيل على عهده فأوحى الله له يعظه ويعلمه أن هذا أمر في علم الله قبل أن يخلق الخلق وأن الأمر بيده وهو وحده يدبره سبحانه.
فقام أرميا في بني إسرائيل خطيبا محذرا إياهم مغبة المعصية فكذبوه واتهموه وسجنوه، فعند ذلك بعث الله عليهم بخت نصر وجنوده فجاسوا خلال الديار، وسبوا النساء والذرية وقتلوا المقاتلة وهدموا المساجد.
وأخبر بخت نصر بأمر أرميا عليه السلام فأخرجه وأكرمه وأمنه، وبقيت بقية من بني إسرائيل مع أرميا عليه السلام وأظهروا التوبة وأرادوا أن يتفرقوا في البلاد ويخرجوا من ديارهم فاختبرهم الله تعالى بأن أوحى إلى أرميا بأن أمره بأن يبقوا ليقبل الله توبتهم فأبوا عليه وتفرقوا في البلاد.
ذكر شيء من خبر دانيال عليه السلام
لما تفرقت بنو إسرائيل في البلاد طلبهم بخت نصر وقتل من قدر عليه منهم وأسر دانيال بن حزقيل الأصغر، ثم جاء بأسدين ضاريين فجوعهما ثم ألقاهما في جب وألقى إليهم دانيال عليه السلام فلم يمساه بسوء، وقد أوحى الله تعالى إلى أرميا أن جهز طعاما إلى دانيال وهو يومئذ بالأرض المقدسة ودانيال عليه السلام بالشام فأرسل إليه من حمله والطعام حتى وقف على رأس الجب فحمد الله دانيال على ما أكرمه الله به سبحانه.
واتفق أن رأى بخت نصر رؤيا أفزعته وقد نسيها فجمع الكهان وسألهم أن يخبروه بما رأى وبتأويله فأخبره بأنهم لا يعلموه حتى يخبرهم هو فأجلهم ثلاثا حتى يخبروه وإلا قتلهم فشاع الخبر ووصل إلى دانيال عليه السلام وهو في الجب فأخبرهم أنه يعلم ما رأى الملك وتأويل ما رأى، فلما دخل عليه قص عليه رؤياه وقص عليه تأويلها، فعلم حينئذ بخت نصر فضله ونزل منه أفضل منزل، ثم مات بخت نصر وولي ابنه بلطا فزاد في الفجور والفسق فأنذر دانيال وأخبره أنه يقتل بعد ثلاثة أيام وقد كان ثم توفى الله تعالى دانيال عليه السلام.
وقد وجد المسلمون أيام عمر جسدا مسجى على سرير قيل هو لدانيال عليه السلام، وقد ذكروا من أوصافه وكبر جسده ما يتعجب منه، وقد أمر عمر بدفنه ليلا حتى لا يفتن الناس.
فعن أبي الأشعث الأحمري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن دانيال دعا ربه عز وجل أن تدفنه أمة محمد فلما افتتح أبو موسى الأشعري تستر، وجده في تابوت، تضرب عروقه ووريده ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من دل على دانيال فبشروه بالجنة. فكان الذي دل عليه رجل يقال له: حرقوص فكتب أبو موسى إلى عمر بخبره، فكتب إليه عمر أن ادفنه ، وابعث إلى حرقوص; فإن النبي صلى الله عليه وسلم بشره بالجنة .