الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            المشهور أن عزيرا نبي من أنبياء بني إسرائيل وأنه كان فيما بين داود وسليمان ، وبين زكريا ويحيى ، وأنه لما لم يبق في بني إسرائيل من يحفظ التوراة ألهمه الله حفظها ، فسردها على بني إسرائيل ، كما قال وهب بن منبه : أمر الله ملكا فنزل بمغرفة من نور فقذفها في في عزير فنسخ التوراة حرفا بحرف ، حتى فرغ منها .

            وروى ابن عساكر ، عن ابن عباس أنه سأل عبد الله بن سلام عن قول الله تعالى : وقالت اليهود عزير ابن الله [ التوبة : 30 ] . لم قالوا ذلك ؟ فذكر له ابن سلام ما كان من كتبه لبني إسرائيل التوراة من حفظه ، وقول بني إسرائيل : لم يستطع موسى أن يأتينا بالتوراة إلا في كتاب ، وإن عزيرا قد جاءنا بها من غير كتاب . فرماه طوائف منهم ، وقالوا : عزير ابن الله .

            ولهذا يقول كثير من العلماء : إن تواتر التوراة انقطع في زمن العزير . وهذا متجه جدا إذا كان العزيز غير نبي ، كما قاله عطاء بن أبي رباح ، والحسن البصري ، فيما رواه عن عطاء بن أبي رباح ، قال : كان في الفترة تسعة أشياء : بخت نصر وجنة صنعاء ، وجنة سبأ ، وأصحاب الأخدود وأمر حاصورا ، وأصحاب الكهف ، وأصحاب الفيل ، ومدينة أنطاكية ، وأمر تبع .

            وقال إسحاق بن بشر : عن الحسن قال : كان أمر عزير وبخت نصر في الفترة . وقد ثبت في " الصحيح " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن أولى الناس بابن مريم لأنا ، إنه ليس بيني وبينه نبي وقال وهب بن منبه : كان فيما بين سليمان وعيسى ، عليهما السلام .

            وقد روى ابن عساكر ، عن أنس بن مالك ، وعطاء بن السائب أن عزيرا كان في زمن موسى بن عمران وأنه استأذن عليه ، فلم يأذن له - يعني لما كان من سؤاله عن القدر - وأنه انصرف وهو يقول : مائة موتة أهون من ذل ساعة . وفي معنى قول عزير : مائة موتة أهون من ذل ساعة . قول بعض الشعراء :

            قد يصبر الحر على السيف ويأنف الصبر على الحيف     ويؤثر الموت على حالة
            يعجز فيها عن قرى الضيف



            وعن نوف البكالي قال : قال عزير فيما يناجي ربه : يا رب ، تخلق خلقا ، فتضل من تشاء وتهدي من تشاء . فقيل له : أعرض عن هذا . فعاد فقيل له : لتعرضن عن هذا أو لأمحون اسمك من الأنبياء ، إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون . وهذا يقتضي وقوع ما توعد عليه لو عاد ، فما عاد ، فما محي اسمه . والله أعلم .

            وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نزل نبي من الأنبياء تحت شجرة فلدغته نملة ، فأمر بجهازه فأخرج من تحتها ، ثم أمر بها فأحرقت بالنار ، فأوحى الله إليه : فهلا نملة واحدة فروى عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه ، أنه عزير . وكذا روي عن ابن عباس والحسن البصري أنه عزير . فالله أعلم .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية