الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            الكهف هو الغار في الجبل . قال شعيب الجبائي : واسم كهفهم حيزم . وقد ذكر تعالى صفة الغار الذي آووا إليه ، وأن بابه موجه إلى نحو الشمال ، وأعماقه إلى جهة القبلة ، وذلك أنفع الأماكن ; أن يكون المكان قبليا ، وبابه نحو الشمال ، فقال : وترى الشمس إذا طلعت تزاور وقرئ : ( تزور ) عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال فأخبر أن الشمس ، يعني في زمن الصيف وأشباهه ، تشرق أول طلوعها في الغار في جانبه الغربي ، ثم تشرع في الخروج منه قليلا قليلا ، وهو ازورارها ذات اليمين فترتفع في جو السماء وتتقلص عن باب الغار ، ثم إذا تضيفت للغروب تشرع في الدخول فيه من جهته الشرقية قليلا قليلا إلى حين الغروب ، كما هو المشاهد في مثل هذا المكان ، والحكمة في دخول الشمس إليه في بعض الأحيان أن لا يفسد هواؤه وهم في فجوة منه ذلك من آيات الله أي : بقاؤهم على هذه الصفة دهرا طويلا من السنين ، لا يأكلون ولا يشربون ، ولا تتغذى أجسادهم في هذه المدة الطويلة من آيات الله وبرهان قدرته العظيمة من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا وتحسبهم أيقاظا وهم رقود قال بعضهم : لأن أعينهم مفتوحة ; لئلا تفسد بطول الغمض ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال قيل : في كل عام يتحولون مرة من جنب إلى جنب ، ويحتمل أكثر من ذلك . فالله أعلم . وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد قال شعيب الجبائي : اسم كلبهم حمران . وقال غيره : الوصيد أسكفة الباب . والمراد أن كلبهم الذي كان معهم ، وصحبهم حال انفرادهم من قومهم ، لزمهم ولم يدخل معهم في الكهف ، بل ربض على بابه ووضع يديه على الوصيد ، وهذا من جملة أدبه ومن جملة ما أكرموا به ; فإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب ، ولما كانت التبعية مؤثرة ، حتى في كلب هؤلاء ، صار باقيا معهم ببقائهم ; لأن من أحب قوما سعد بهم ، فإذا كان هذا في حق كلب فما ظنك بمن تبع أهل الخير وهو أهل للإكرام . وقد ذكر كثير من القصاص والمفسرين لهذا الكلب نبأ وخبرا طويلا ، أكثره متلقى من الإسرائيليات ، وكثير منها كذب ، ومما لا فائدة فيه ، كاختلافهم في اسمه ولونه .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية