: عابد من الرهبان
وهب بن منبه قال: كان عابد من عباد بني إسرائيل يعبد الله دهرا طويلا في صومعته [ فعف ] وزهد حتى شكته الشياطين إلى إبليس ، فقالوا: فلان قد أعيانا لا نصيب منه شيئا .
قال: فانتدب له إبليس بنفسه ، فأتاه فضرب ديره ، فقال: من هذا ؟ قال: ابن سبيل ، افتح لي حتى آوي الليلة في ديرك . قال له العابد: هذه قرى منك غير بعيدة ، مل إلى بعضها فأو إليها ، قال: اتق الله وافتح لي فإني أخاف اللصوص ، والسباع ، قال: ما أنا بالذي أفتح لك فسكت إبليس ، ثم ضرب باب الدير ، فقال: افتح لي ، قال: من هذا ؟ قال: أنا المسيح قال: إن تكن المسيح فليس لك لي حاجة فقد بلغت رسالات ربك فموعدك الآخرة .
فسكت إبليس ، ثم ضرب ديره ، فقال: افتح لي قال: من أنت ؟ قال: أنا إبليس ، قال: ما أنا بالذي أفتح لك ، فقال إبليس: لك ما لله ، ولك وجعل يعاهده لا أعمل في مضرة أبدا افتح ، قال: فنزل ففتح له الباب ، وصعد إبليس فجلس بين يديه فقال: سلني عما شئت أخبرك ، فقال: ما لي إليك حاجة ، قال: فقام إبليس فولى فناداه أقبل ، فقد بدا لي أن أسألك ، قال: سل ، قال: أي شيء أهون لكم في هلك ابن آدم ؟ قال: السكر ، فإنه إذا أسكر ابن آدم لم يمتنع منا من شيء نريده ثم لعبنا به كما يلعب الصبيان بالكرة ، قال: وماذا ؟ قال: الحدة لو أن ابن آدم بلغ في عبادة [ الله تعالى ] ما يحيي الموتى [ بإذن الله ] ما يئسنا أن نصيبه في بعض غضبه قال: وماذا ؟ قال: والبخل ، قال: يأتي ابن آدم فنقلل نعمة الله عنده ، ونكثر ما في أيدي الناس عنده حتى يبخل بحق الله في ماله فيهلك . عابدان أخوان من بني إسرائيل : عابدان أخوان من بني إسرائيل
عن أبو معبد قال: سمعت بلال بن سعد يقول: كان أخوان في بني إسرائيل خرجا يتعبدان ، فلما أرادت الطريق أن تفرق بينهما ، قال أحدهما لصاحبه: خذ أنت في هذا الطريق وآخذ أنا في هذا الطريق ، فإذا كان رأس السنة فهو الموعد بيني وبينك ، فخرجا يتعبدان ، فلما دنا رأس السنة اجتمعا في ذلك الموضع فقال أحدهما لصاحبه: أي ذنب فيما عملت أعظم ؟ قال: بينما أنا أمشي على الطريق إذا بسنبلة فأخذتها فألقيتها في إحدى الأرضين أرض عن يميني وأرض عن شمالي ، فلا أدري هي الأرض التي ألقيتها فيها أم الأخرى ، ثم قال المسئول للسائل: أي ذنب فيما عملت أعظم ، قال: كنت أقوم في الصلاة فأميل مرة على هذه الرجل ومرة على هذه الرجل فلا أدري أكنت أعدل بينهما أم لا فسمعهما أبوهما من داخل الدار ، فقال: اللهم إن كانا صادقين فأمتهما فخرج فإذا بهما قد ماتا . ثلاثة من عباد بني إسرائيل : ثلاثة من عباد بني إسرائيل
عن كعب قال: اجتمع ثلاثة عباد من بني إسرائيل ، فقالوا: تعالوا نذكر كل واحد منا أعظم ذنب عمله ، فقال أحدهم: أما أنا فلا أذكر من ذنب أعظم من أني كنت مع صاحب لي فعرضت لي شجرة ، فخرجت عليه ففزع مني ، وقال: الله بيني وبينك .
وقال أحدهم: إنا معشر بني إسرائيل إذا أصاب أحدنا بول قطعه ، فأصابني بول فقطعته فلم أبالغ في قطعه .
وقال أحدهم: كانت لي والدة ، فدعتني من قبل شمال الريح فأجبتها ولم تسمع فجاءتني مغضبة [ فجعلت ] ترميني بالحجارة فأخذت عصا وجئت لأقعد بين يديها تضربني بها حتى تنزفني [ ففزعت مني ] فأصاب وجهها شجرة فشجتها ، فهذا أعظم ذنب عملته . عابد من بني إسرائيل : عابد من بني إسرائيل
عن بكار بن عبد الله أنه سمع وهب بن منبه يقول: كان رجل من أفضل أهل زمانه ، وكان يزار فيعظهم ، فاجتمعوا إليه ذات يوم ، فقال: إنا قد خرجنا من الدنيا وفارقنا الأهل والأموال مخافة الطغيان ، وقد خفت ذلك أن يكون قد دخل علينا في حالنا هذه من الطغيان أكثر مما يدخل على أهل الأموال في أموالهم إن أحدنا يحب أن يقضى له حاجته ، فإن اشترى [ أحدنا ] بيعا أن يقارب لمكان دينه ، وإن لقي حق ووقف بمكان دينه .
فشاع ذلك الكلام حتى بلغ الملك ، فعجب به الملك فركب إليه ليسلم عليه [ وينظر إليه ] ، فلما رآه الرجل قيل له هذا الملك: قد أتاك ليسلم عليك ، فقال: وما نصنع ؟ فقيل: الكلام الذي وعظت به ، فسأل رده هل عندك طعام ، فقال شيء من تمر الشجر ، فما كنت أفطر به وامرأتي معي على مسح فوضع بين يديه فأخذ يأكل منه ، وكان يصوم النهار ولا يفطر ، فوقف عليه الملك فسلم عليه فأجابه خفية ، وأقبل على طعامه ، يأكله ، فقال الملك: فأين الرجل قيل له هو هذا الذي يأكل قال: نعم ، قال: فما عند هذا من خير فأدبر ، فقال الرجل: الحمد لله الذي صرفك عني بما صرفك . .
وفي رواية: أنه قدم له بقل وزيت وحمص فجعل يجمع من البقول والطعام ويطعم اللقمة ويغمسها في الزيت فيأكل أكلا عنيفا ، فرآه الملك فذهب عنه . عابد آخر من بني إسرائيل عابد آخر منهم:
عن وهب بن منبه قال: فلبث سبعا لم يطعم هو وعياله شيئا . فقالت له امرأته: لو خرجت وطلبت لنا شيئا . فخرج فوقف مع العمال فاستؤجر العمال ، وصرف [ الله ] عنه الرزق ، فقال: والله لأعملن اليوم مع ربي . كان في بني إسرائيل عابد
فجاء إلى ساحل البحر فاغتسل وما زال راكعا وساجدا ، حتى إذا أمسى أتى أهله ، فقالت له امرأته: ماذا صنعت ، فقال: قد عملت مع أستاذي ، وقد وعدني أن يعطيني ، ثم غدا إلى السوق ، فوقف مع العمال ، فاستؤجر العمال وصرف [ الله ] عنه الرزق ، ولم يستأجره أحد ، فقال: والله لأعملن [ اليوم ] مع ربي ، فجاء إلى ساحل البحر فاغتسل ، وما زال راكعا وساجدا حتى إذا أمسى أقبل إلى منزله ، فقالت له امرأته: ماذا صنعت ، قال: إن أستاذي قد وعدني أن يجمع لي أجري ، فخاصمته امرأته ، وبرزت عليه ، فلبث يتقلب ظهرا لبطن وبطنا لظهر ، وصبيانه يتضاغون جوعا .
ثم غدا إلى السوق فاستؤجر العمال ، وصرف عنه الرزق ، ولم يستأجره أحد ، فقال: والله لأعملن مع ربي ، فجاء إلى ساحل البحر ، فاغتسل وما زال راكعا وساجدا ، حتى إذا أمسى ، قال: أين أمضي ، تركت أقواما يتضاغون جوعا ، ثم تحمل على جهد منه ، فلما قرب من داره ، سمع ضحكا وسرورا ، وسمع رائحة قديد ورائحة شواء ، فأخذ على بصره وقال: أنائم أنا أم يقظان ، تركت أقواما يتضاغون جوعا ، وأشم رائحة قديد ورائحة شواء ، وأسمع ضحكا وسرورا
ثم دنا من الباب فطرق الباب ، فخرجت امرأته حاسرة وقد حسرت عن ذراعيها وهي تضحك في وجهه ، ثم قالت: يا فلان قد جاءنا رسول أستاذك بدنانير ، ودراهم وكساء ، وودك ودقيق ، وقال: إذا جاء فلان فأقرءوه السلام وقولوا له: إن أستاذك يقول لك: رأيت عملك فرضيته ، فإن أنت زدتني في العمل زدتك في الأجرة . : عابدة من بني إسرائيل يقال لها سارة
عن وهب بن منبه قال: أتي بامرأة من بني إسرائيل يقال لها سارة وسبعة بنين لها إلى ملك كان يفتن الناس على أكل لحم الخنزير .
فدعا أكبرهم فقرب إليه لحم الخنزير ، فقال: كل ، فقال: ما كنت لآكل شيئا حرمه الله عز وجل أبدا ، فأمر به فقطعت يداه ورجلاه ، ثم قطعه عضوا عضوا حتى قتله ، ثم دعا بالذي يليه فقال: كل ، فقال: ما كنت لآكل شيئا حرمه الله تعالى ، فأمر بقدر من نحاس فملئت زيتا ثم أغليت حتى إذا غلت ألقاه فيها ، ثم دعا الذي يليه ، فقال: كل ، فقال: ما كنت لآكل شيئا حرمه الله تعالى ، فقتله ، ثم دعا الذي يليه ، فقال: أنت أذل وأقل وأهون على الله من أن آكل شيئا حرمه الله تعالى علي فضحك الملك ، وقال: أتدرون ما أراد بشتمه إياي ، أراد أن يغضبني ، فأعجل في قتله وليخطئه ذلك وأمر به ، فجز جلدة عنقه ، ثم أمر به أن يسلخ جلدة رأسه ووجهه فسلخوه سلخا ، فلم يزل يقتل كل واحد منهم بلون غير قتل أخيه حتى بقي أصغرهم ، فالتفت به إلى أمه ، فقال: لقد رثيت لك مما رأيت فانطلقي بابنك هذا فأخلي به وأنقذيه على أن يأكل لقمة واحدة فيعيش لك قالت: نعم .
فخلت به ، فقالت: أي بني إنه كان لي على كل رجل من إخوتك حق ، ولي عليك حقان . ، وذلك أني أرضعت كل واحد حولين ، فمات أبوك وأنت حمل ، فأرضعتك لضعفك ورحمتي إياك أربعة أعوام فأسألك بالله وحقي أما صبرت ولم تأكل شيئا مما حرمه الله عليك ولا تلقين أخوتك يوم القيامة ، ولست معهم ، فقال: الحمد لله الذي أسمعني هذا منك ، أما كنت أخاف أن تريديني على أن آكل [ مما حرمه الله ] .
ثم جاءت به إلى الملك فقالت: ها هو ذا قد أردته وعرضت عليه فأمره الملك أن يأكل ، فقال: ما كنت لآكل شيئا حرمه الله علي ، فقتله وألحقه بأخوته ، وقال لأمهم: إني لأجدني أرثي لك ، فما رأيت اليوم ، ويحك ، فكلي لقمة ثم أصنع بك ما شئت وأعطيك ما أحببت تعيشين به ، قالت: ما أجمع بين ثكل ولدي ومعصية الله عز وجل ، فلو حييت بعدهم ما أردت ذلك ، وما كنت لآكل شيئا مما حرمه الله تعالى أبدا فقتلها وألحقها ببنيها