الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            [ شعر رزاح في نصرته قصيا ورد قصي عليه ]

            قال ابن إسحاق : فلما فرغ قصي من حربه ، انصرف أخوه رزاح بن ربيعة إلى بلاده بمن معه من قومه ، وقال رزاح في إجابته قصيا :

            :


            لما أتى من قصي رسول فقال الرسول أجيبوا الخليلا     نهضنا إليه نقود الجياد
            ونطرح عنا الملول الثقيلا     نسير بها الليل حتى الصباح
            ونكمي النهار لئلا نزولا     فهن سراع كورد القطا
            يجبن بنا من قصي رسولا     جمعنا من السر من أشمذين
            ومن كل حي جمعنا قبيلا     فيا لك حلبة ما ليلة
            تزيد على الألف سيبا رسيلا     فلما مررن على عسجد
            وأسهلن من مستناخ سبيلا     وجاوزن بالركن من ورقان
            وجاوزن بالعرج حيا حلولا     مررن على الحل ما ذقنه
            وعالجن من مر ليلا طويلا     ندني من العوذ أفلاءها
            إرادة أن يسترقن الصهيلا     فلما انتهينا إلى مكة
            أبحنا الرجال قبيلا قبيلا     نعاورهم ثم حد السيوف
            وفي كل أوب خلسنا العقولا     نخبزهم بصلاب النسو
            ر خبز القوي العزيز الذليلا     قتلنا خزاعة في دارها
            وبكرا قتلنا وجيلا فجيلا     نفيناهم من بلاد المليك
            كما لا يحلون أرضا سهولا     فأصبح سبيهم في الحديد
            ومن كل حي شفينا الغليلا

            وقال ثعلبة بن عبد الله بن ذبيان بن الحارث بن سعد هذيم القضاعي في ذلك من أمر قصي حين دعاهم فأجابوه :

            :


            جلبنا الخيل مضمرة تغالي     من الأعراف أعراف الجناب
            إلى غورى تهامة فالتقينا     من الفيفاء في قاع يباب
            فأما صوفة الخنثى فخلوا     منازلهم محاذرة الضراب
            وقام بنو علي إذ رأونا     إلى الأسياف كالإبل الطراب

            وقال قصي بن كلاب :

            :


            أنا ابن العاصمين بني لؤي     بمكة منزلي وبها ربيت
            إلى البطحاء قد علمت معد     ومروتها رضيت بها رضيت
            فلست لغالب إن لم تأثل     بها أولاد قيذر والنبيت
            رزاح ناضري وبه أسامي     فلست أخاف ضيما ما حييت

            [ من دخلوا في حلف المطيبين ]

            فأخرج بنو عبد مناف جفنة مملوءة طيبا . فيزعمون أن بعض نساء بني عبد مناف ، أخرجتها لهم ، فوضعوها لأحلافهم في المسجد عند الكعبة ، ثم غمس القوم أيديهم فيها ، فتعاقدوا وتعاهدوا هم وحلفاؤهم ، ثم مسحوا الكعبة بأيديهم توكيدا على أنفسهم ، فسموا المطيبين .

            [ من دخلوا في حلف الأحلاف ]

            وتعاقد بنو عبد الدار وتعاهدوا هم وحلفاؤهم عند الكعبة حلفا مؤكدا ، على أن لا يتخاذلوا ولا يسلم بعضهم بعضا ، فسموا الأحلاف .

            [ توزيع القبائل في الحرب ]

            ثم سوند بين القبائل ، ولز بعضها ببعض ، فعبيت بنو عبد مناف لبني سهم ، وعبيت بنو أسد لبني عبد الدار ، وعبيت زهرة لبني جمح ، وعبيت بنو تيم لبني مخزوم ، وعبيت بنو الحارث بن فهر لبني عدي بن كعب . ثم قالوا : لتفن كل قبيلة من أسند إليها .

            [ ما تصالح القوم عليه ]

            فبينا الناس على ذلك قد أجمعوا للحرب إذ تداعوا إلى الصلح ، على أن يعطوا بني عبد مناف السقاية والرفادة ، وأن تكون الحجابة واللواء والندوة لبني عبد الدار كما كانت . ففعلوا ورضي كل واحد من الفريقين بذلك ، وتحاجز الناس عن الحرب ، وثبت كل قوم مع من حالفوا ، فلم يزالوا على ذلك ، حتى جاء الله تعالى بالإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما كان من حلف في الجاهلية فإن الإسلام لم يزده إلا شدة .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية