الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ثم دخلت سنة ثلاث وستين وخمسمائة

            ذكر فراق زين الدين الموصل وتحكم قطب الدين في البلاد  

            في هذه السنة فارق زين الدين علي بن بكتكين ، والنائب عن قطب الدين مودود بن زنكي ، صاحب الموصل ، خدمة صاحبه بالموصل ، وسار إلى إربل ، وكان هو الحاكم في الدولة ، وأكثر البلاد بيده ، منها إربل ، وفيها بيته وأولاده وخزانته ، ومنها شهرزور وجميع القلاع التي معها ، وجميع بلد الهكارية وقلاعه ، منها العمادية وغيرها ، وبلد الحميدية ، وتكريت وسنجار وحران ، وقلعة الموصل هو بها ، وكان قد أصابه طرش وعمى أيضا ، فلما عزم على مفارقة الموصل إلى بيته بإربل سلم جميع ما كان بيده من البلاد إلى قطب الدين مودود ، وبقي معه إربل حسب .

            وكان شجاعا ، عاقلا ، عادلا ، حسن السيرة ، سليم القلب ، ميمون النقيبة ، لم ينهزم من حرب قط ، وكان كريما كثير العطاء للجند وغيرهم ، مدحه الحيص بيص بقصيدة ، فلما أراد أن ينشده قال : أنا لا أعرف ما يقول ، ولكني أعلم أنه يريد شيئا ، فأمر له بخمسمائة دينار وفرس وخلعة وثياب مجموع ذلك ألف دينار ، ولم يزل بإربل إلى أن مات بها بهذه السنة .

            ولما فارق زين الدين قلعة الموصل سلمها قطب الدين إلى فخر الدين عبد المسيح وحكمه في البلاد ، فعمر القلعة ، وكانت خرابا لأن زين الدين كان قليل الالتفات إلى العمارة ، وسار عبد المسيح سيرة سديدة وسياسة عظيمة ، وهو خصي أبيض من مماليك زنكي أتابك عماد الدين .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية