الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            روى ابن سعد ، عن المهلب بن أبي صفرة ، قال : حدثني رجل من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليلة الخندق : إني لأرى القوم الليلة فإن شعاركم : هم لا ينصرون .

            وكان حسان بن ثابت مع النساء والذراري في الآطام .

            فروى محمد بن إسحاق عن عباد بن عبد الله بن الزبير ، ومحمد بن عمر عن شيوخه ، وأبو يعلى والبزار بسند حسن ، عن الزبير بن العوام رضي الله عنه ، والطبراني برجال الصحيح ، عن عروة بن الزبير مرسلا :

            أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الخندق فجعل نساءه وعمته صفية في أطم يقال لها

            فارع ، وجعل معهم حسان بن ثابت
            . وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق ، فأقبل عشرة من يهود ، فجعلوا ينقمعون ويرمون الحصن ، ودنا أحدهم إلى باب الحصن ، وقد حاربت قريظة وقطعت ما بينها وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس بيننا وبينهم أحد يدفع عنا ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في نحر العدو ، لا يستطيعون أن ينصرفوا عنهم إلينا إذ أتانا آت ، فقلت لحسان : يا حسان قم إليه فاقتله ، فقال : يغفر الله لك يا بنت عبد المطلب ، والله لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا ، ولو كان ذلك في لخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . قالت صفية : فلما قال ذلك ، ولم أر عنده شيئا احتجزت ثم أخذت سيفا فربطته على ذراعي ، ثم تقدمت إليه حتى قتلته ، وفي لفظ : فأخذت عمودا ، ثم نزلت من الحصن فضربته بالعمود ضربة شدخت فيها رأسه ، فلما فرغت منه رجعت إلى الحصن ، فقلت : يا حسان ، انزل إليه فاسلبه ، فإنه لم يمنعني من سلبه إلا أنه رجل ، قال :

            ما لي بسلبه من حاجة يا بنت عبد المطلب . فقلت له : خذ الرأس وارم به على اليهود ، قال :

            ما ذاك في ، فأخذت هي الرأس فرمت به على اليهود ، فقالوا : قد علمنا أن محمدا لم يترك له خلوفا ليس معهم أحد ، فتفرقوا . زاد أبو يعلى : فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فضرب لصفية بسهم كما يضرب للرجال .

            حكى السهيلي عن بعضهم أنه قال : كان حسان جبانا شديد الجبن .

            قال : وأنكر آخرون ذلك ، وطعنوا في الخبر ، فقالوا : هو منقطع قالوا : وقد كان يهاجي المشركين من الشعراء ؛ كابن الزبعرى ، وضرار بن الخطاب ، وغيرهما ، فلم يعيره واحد منهم بالجبن قال : وممن أنكر ذلك الشيخ أبو عمر النمري قالوا : وبتقدير صحة الخبر ، لعله كان منقطعا في الآطام لعلة عارضة ، ومال إلى هذا السهيلي والله أعلم

            التالي السابق


            الخدمات العلمية