الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            [ سؤاله النجاشي في قتل عمرو الضمري ورده عليه ]

            فوالله إنا لعنده إذ جاءه عمرو بن أمية الضمري ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعثه إليه في شأن جعفر وأصحابه . وقيل بعثه بكتاب كتبه ، يزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان فدخل عليه ثم خرج من عنده . قال : فقلت لأصحابي : هذا عمرو بن أمية الضمري ، لو قد دخلت على النجاشي وسألته إياه فأعطانيه ، فضربت عنقه ، فإذا فعلت ذلك رأت قريش أني قد أجزأت عنها حين قتلت رسول محمد .

            قال : فدخلت عليه فسجدت له كما كنت أصنع ، فقال : مرحبا بصديقي ، أهديت إلي من بلادك شيئا ؟ قال : قلت : نعم ، أيها الملك ، قد أهديت إليك أدما كثيرا ؛ قال : ثم قربته إليه ، فأعجبه واشتهاه ثم قلت له : أيها الملك ، إني قد رأيت رجلا خرج من عندك ، وهو رسول رجل عدو لنا ، فأعطنيه لأقتله ، فإنه قد أصاب من أشرافنا وخيارنا ؛ قال : فغضب ، ثم مد يده فضرب بها أنفه ضربة ظننت أنه قد كسره ، فلو انشقت لي الأرض لدخلت فيها فرقا منه ؛ ثم قلت له : أيها الملك ، والله لو ظننت أنك تكره هذا ما سألتكه ؛ قال : فاستحيا وقال : يا عمرو ، تسألني أن أعطيك رسول من يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى ، والذي كان يأتي عيسى لتقتله ؟! قال عمرو : فغير الله قلبي عما كنت عليه ، وقلت في نفسي : عرف هذا الحق العرب والعجم وتخالف أنت ؟! ثم قلت : أتشهد أيها الملك بهذا ؟ قال : نعم ، أشهد به عند الله يا عمرو ، فأطعني واتبعه ، فوالله إنه لعلى الحق ، وليظهرن على من خالفه ، كما ظهر موسى على فرعون وجنوده . قلت : أتبايعني له على الإسلام ؟ قال : نعم . فبسط يده فبايعني على الإسلام ، ثم دعا بطست ، فغسل عني الدم وكساني ثيابا ، وكانت ثيابي قد امتلأت بالدم فألقيتها ، ثم خرجت على أصحابي ، فلما رأوا كسوة النجاشي سروا بذلك وقالوا : هل أدركت من صاحبك ما أردت ؟ فقلت لهم : كرهت أن أكلمه في أول مرة ، وقلت : أعود إليه . فقالوا : الرأي ما رأيت .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية