قال ابن عباس - رضي الله عنهما - قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة صبيحة الرابع من ذي الحجة ، ولما جاء مكرز قريشا بخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استنكف رجال من أشراف المشركين أن ينظروا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غيظا وحنقا ، ونفاسة ، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالهدي أمامه حتى حبس بذي طوى ، ودخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على راحلته القصواء وأصحابه محدقون به ، قد توشحوا السيوف يلبون ، فلما انتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ذي طوى وقف على راحلته والمسلمون حوله ، ثم دخل من الثنية التي تطلعه على الحجون .
وروى البخاري تعليقا ، وعبد الرزاق ، والترمذي ، والنسائي ، وابن حبان عن أنس - رضي الله عنه - وابن عقبة عن الزهري ، وابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة عام القضية على ناقته وعبد الله بن رواحة آخذ بزمامها ، وهو يقول :
خلوا بني الكفار عن سبيله خلوا فكل الخير في رسوله يا رب إني مؤمن بقيله
أعرف حق الله في قبوله نحن قتلناكم على تأويله
كما قتلناكم على تنزيله ضربا يزيل الهام عن مقيله
ويذهل الخليل عن خليله
قال ابن هشام :
نحن قتلناكم على تأويله
إلى آخر الأبيات ، لعمار بن ياسر في غير هذا اليوم ، والدليل على ذلك أن ابن رواحة إنما أراد المشركين ، والمشركون لم يقروا بالتنزيل ، وإنما يقتل على التأويل من أقر بالتنزيل فقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يا ابن رواحة ؟ بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي حرم الله - تعالى - تقول الشعر ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «خل عنه يا عمر” فلهي أسرع فيهم من نضح النبل” . وفي رواية «يا عمر إني أسمع ، فاسكت يا عمر” فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «يا ابن رواحة قل : «لا إله إلا الله وحده ، نصر عبده ، وأعز جنده ، وهزم الأحزاب وحده” . فقالها ابن رواحة فقالها الناس كما قالها .