روى الإمام أحمد ، والشيخان ، وابن إسحاق عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال :
وأمرهم أن يرملوا ثلاثة أشواط ، ويمشوا بين الركنين ، ليرى المشركون جلدهم ، ثم استلم الركن ، وخرج يهرول وأصحابه معه ، حتى إذا واراه البيت منهم ، واستلم الركن اليماني مشى حتى استلم الركن الأسود ثم هرول كذلك ثلاثة أشواط ومشى سائرها . «قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه مكة ، وقد وهنتهم حمى يثرب ، فقال المشركون : إنه يقدم غدا قوم قد وهنتهم الحمى ، ولقوا فيها شدة ، فجلسوا على قعيقعان مما يلي الحجر ، فأطلع الله تعالى نبيه على ما قالوا ، فلما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسجد اضطبع بردائه وأخرج عضده الأيمن ، ثم قال : «رحم الله امرأ أراهم من نفسه قوة” . وفي رواية : «أراهم ما يكرهون” . فكان ابن عباس يقول : كان الناس يظنون أنها ليست عليهم . وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما صنعها لهذا الحي من قريش للذي بلغه عنهم حتى إذا حج حجة الوداع فلزمها ، فمضت السنة : بها وعن أبي الطفيل قال : قلت لابن عباس : يزعم قومك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رمل بالبيت ، وأن ذلك سنة . فقال : صدقوا وكذبوا . قلت : ما صدقوا وما كذبوا ؟! قال : صدقوا ، رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبوا ليس بسنة ، إن قريشا زمن الحديبية قالت : دعوا محمدا وأصحابه حتى يموتوا موت النغف . فلما صالحوه على أن يجيئوا من العام المقبل فيقيموا بمكة ثلاثة أيام ، فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركون من قبل قعيقعان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : " ارملوا بالبيت ثلاثا " . قال : وليس بسنة وقال ابن عباس : ولم يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها للإبقاء عليهم ، فقال المشركون : «هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم ؟ هؤلاء أجلد من كذا وكذا ، ما يرضون بالمشي ، أما إنهم لينقزون نقز الظبي” وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكايدهم كلما استطاع .
قال محمد بن عمر ، وابن سعد وغيرهم : ولم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبي حتى استلم الركن بمحجنه .
وروى الحميدي والبخاري ، والإسماعيلي عن عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنه - قال : - وروى يونس بن بكير - رحمه الله تعالى - عن زيد بن أسلم - رحمهما الله تعالى - لما اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سترناه من غلمان المشركين ، وفي رواية من السفهاء والصبيان مخافة أن يؤذوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عام القضية مكة ، فطاف على ناقته ، واستلم الركن بمحجنه . قال هشام ، وابن سعد : من غير - علة - والمسلمون يشتدون حول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعبد الله بن رواحة يقول :
بسم الذي لا دين إلا دينه بسم الذي محمد رسوله خلوا بني الكفار عن سبيله