قال ابن إسحاق : ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جد في سفره وأمر الناس بالجهاز والانكماش ، وحض أهل الغنى على النفقة والحملان في سبيل الله ، فحمل رجال من أهل الغنى واحتسبوا ، وأنفق عثمان بن عفان نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها .
قال ابن هشام فحدثني من أثق به ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن عثمان أنفق في جيش العسرة في غزوة تبوك ألف دينار " اللهم ارض عن عثمان فإني عنه راض " . .
وقد أخرج الإمام أحمد : بسنده عن كثير مولى عبد الرحمن بن سمرة قال : جاء عثمان بن عفان إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار في ثوبه حين جهز النبي صلى الله عليه وسلم جيش العسرة . قال : فصبها في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها بيده ، ويقول : " ما ضر ابن عفان ما عمل بعد اليوم " وقاله عبد الله بن أحمد في " مسند " أبيه : عن عبد الرحمن بن خباب السلمي قال : خطب النبي صلى الله عليه وسلم فحث على جيش العسرة ، فقال عثمان بن عفان : علي مائة بعير بأحلاسها وأقتابها . قال : ثم نزل مرقاة من المنبر ثم حث ، فقال عثمان : علي مائة أخرى بأحلاسها وأقتابها . قال : فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بيده هكذا يحركها ، وأخرج عبد الصمد يده ، كالمتعجب : " ما على عثمان ما عمل بعد هذا " وهكذا رواه الترمذي عن محمد بن بشار عن أبي داود الطيالسي عن سكن بن المغيرة أبي محمد مولى لآل عثمان به . وقال : غريب من هذا الوجه .
ورواه البيهقي من طريق عمرو بن مرزوق عن سكن بن المغيرة به . وقال : ثلاث مرات ، وإنه التزم بثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها . قال عبد الرحمن : . فأنا شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر : " ما ضر عثمان بعدها " أو قال : " بعد اليوم "
وقال أبو داود الطيالسي : بسنده عن الأحنف بن قيس قال : سمعت عثمان بن عفان يقول لسعد بن أبي وقاص وعلي والزبير وطلحة : أنشدكم بالله هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من جهز جيش العسرة غفر الله له " فجهزتهم حتى ما يفقدون خطاما ولا عقالا قالوا : اللهم نعم ورواه النسائي من حديث حصين به . وذكر أبو عمرو في الدرر ، وتبعه في الإشارة : أن عثمان حمل على تسعمائة بعير ومائة فرس بجهازها ، وقال ابن إسحاق - رحمه الله تعالى - أنفق عثمان في ذلك الجيش نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها . وقال محمد بن عمر - رحمه الله : وحمل رجال ، وقوى ناس دون هؤلاء من هم أضعف منهم ، حتى إن الرجل ليأتي بالبعير إلى الرجل والرجلين فيقول : هذا البعير بيننا نعتقبه ، ويأتي الرجل بالنفقة فيعطيها بعض من يخرج حتى إن كان النساء يبعثن بما يقدرن عليه وفاء واثلة بن الأسقع وإكرام كعب بن عجرة وعن واثلة بن الأسقع ، - رضي الله عنه - قال : . نادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك ، فخرجت إلى أهلي - وقد خرج أول أصحابه - فطفت في المدينة أنادي : ألا من يحمل رجلا وله سهمه ؟ فإذا شيخ من الأنصار - سماه محمد بن عمر : كعب بن عجرة - فقال : سهمه على أن تحمله عقبة وطعامه معنا ؟ فقلت : نعم ، فقال : سر على بركة الله تعالى ، فخرجت مع خير صاحب حتى أفاء الله علينا
قال محمد بن عمر : بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة . قال :
فأصابني قلائص - قال محمد بن عمر : ستة - فسقتهن حتى أتيته بهن ، فخرج فقعد على حقيبة من حقائب إبله ثم قال : سقهن مقبلات . فسقتهن ، ثم قال : سقهن مدبرات ، فقال : ما أرى قلائصك إلا كراما ، فقلت : إنما هي غنيمتك التي شرطت لك ، قال : خذ قلائصك يا ابن أخي ، فغير سهمك أردنا . ذكر حثه - صلى الله عليه وسلم - على النفقة والحملان في سبيل الله تبارك وتعالى
في حديث عمران بن حصين - رضي الله عنهما - عند الطبراني . فلم يكن للناس قوة . أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجلس كل يوم على المنبر فيدعو فيقول : "اللهم إن تهلك هذه العصابة لن تعبد في الأرض
قال محمد بن عمر - رحمه الله تعالى - فجاءوا بصدقات كثيرة ، فكان أول من جاء أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - جاء بماله كله أربعة آلاف درهم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "هل أبقيت لأهلك شيئا ؟ " فقال : أبقيت لهم الله ورسوله . وجاء عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بنصف ماله ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "هل أبقيت لأهلك شيئا ؟ " قال : نعم مثل ما جئت به ، حض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الصدقات
وحمل العباس ، وطلحة بن عبيد الله ، وسعد بن عبادة - رضي الله عنهم - وحمل عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - مائتي أوقية إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتصدق عاصم بن عدي - رضي الله عنه - بسبعين وسقا من تمر