الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            [ صياحهم بالرسول وكلمة عطارد ]

            فلما قدم وفد بني تميم كانا معهم ، فلما دخل وفد بني تميم المسجد نادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء حجراته : أن اخرج إلينا يا محمد ، فآذى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من صياحهم ، فخرج إليهم ، فقالوا : يا محمد ، جئناك نفاخرك ، فأذن لشاعرنا وخطيبنا ، قال : قد أذنت لخطيبكم فليقل فقام عطارد بن حاجب ، فقال :

            الحمد لله الذي له علينا الفضل والمن ، وهو أهله ، الذي جعلنا ملوكا ، ووهب لنا أموالا عظاما ، نفعل فيها المعروف ، وجعلنا أعز أهل المشرق وأكثره عددا ، وأيسره عدة ، فمن مثلنا في الناس ؟ ألسنا برءوس الناس وأولي فضلهم ؟ فمن فاخرنا فليعدد مثل ما عددنا ، وإنا لو نشاء لأكثرنا الكلام ، ولكنا نحيا من الإكثار فيما أعطانا ، وإنا نعرف بذلك .

            أقول هذا لأن تأتوا بمثل قولنا ، وأمر أفضل من أمرنا . ثم جلس . [ كلمة ثابت في الرد على عطارد ]

            فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس بن الشماس ، أخي بني الحارث بن الخزرج : قم ، فأجب الرجل في خطبته . فقام ثابت ، فقال : الحمد لله الذي السموات والأرض خلقه ، قضى فيهن أمره ، ووسع كرسيه علمه ، ولم يك شيء قط إلا من فضله ، ثم كان من قدرته أن جعلنا ملوكا ، واصطفى من خير خلقه رسولا ، أكرمه نسبا ، وأصدقه حديثا ، وأفضله حسبا ، فأنزل عليه كتابه وأتمنه على خلقه ، فكان خيرة الله من العالمين ، ثم دعا الناس إلى الإيمان به ، فآمن برسول الله المهاجرون من قومه وذوي رحمه ، أكرم الناس حسبا ، وأحسن الناس وجوها ، وخير الناس فعالا . ثم كان أول الخلق إجابة ، واستجاب لله حين دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن ، فنحن أنصار الله ووزراء رسوله ، نقاتل الناس حتى يؤمنوا بالله ، فمن آمن بالله ورسوله منع منا ماله ودمه ، ومن كفر جاهدناه في الله أبدا ، وكان قتله علينا يسيرا . أقول قولي هذا وأستغفر الله لي وللمؤمنين والمؤمنات ، والسلام عليكم .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية