الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            قدوم وفد همدان  

            [ أسماؤهم وكلمة ابن نمط بين يدي الرسول ]

            قال ابن هشام : وقدم وفد همدان على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيما حدثني من أثق به ، عن عمرو بن عبد الله بن أذينة العبدي ، عن أبي إسحاق السبيعي ، قال : قدم وفد همدان على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، منهم مالك بن نمط ، وأبو ثور ، وهو ذو المشعار ، ومالك بن أيفع وضمام بن مالك السلماني وعميرة بن مالك الخارفي ، فلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مرجعه من تبوك وعليهم مقطعات الحبرات ، والعمائم العدنية ، برحال الميس على المهرية والأرحبية ومالك بن نمط ورجل آخر يرتجزان بالقوم ، يقول أحدهما :


            همدان خير سوقة وأقيال ليس لها في العالمين أمثال     محلها الهضب ومنها الأبطال
            لها إطابات بها وآكال



            ويقول الآخر :


            إليك جاوزن سواد الريف     في هبوات الصيف والخريف



            مخطمات بحبال الليف

            فقام مالك بن نمط بين يديه ، فقال : يا رسول الله ، نصية من همدان ، من كل حاضر وباد ، أتوك على قلص نواج ، متصلة بحبائل الإسلام لا تأخذهم في الله لومة لائم ، من مخلاف خارف ويام وشاكر أهل السود والقود ، أجابوا دعوة الرسول ، وفارقوا الإلهات الأنصاب ، عهدهم لا ينقض ما أقامت لعلع ، وما جرى اليعفور بصلع . [ كتاب الرسول بالنهي   ]

            فكتب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا فيه :

            بسم الله الرحمن الرحيم . هذا كتاب من رسول الله محمد ، لمخلاف خارف وأهل جناب الهضب وحقاف الرمل ، مع وافدها ذي المشعار مالك بن نمط ، ومن أسلم من قومه ، على أن لهم فراعها ووهاطها ، ما أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة ، يأكلون علافها ويرعون عافيها ، لهم بذلك عهد الله وذمام رسوله ، وشاهدهم المهاجرون والأنصار . فقال في ذلك مالك بن نمط :




            ذكرت رسول الله في فحمة الدجى     ونحن بأعلى رحرحان وصلدد
            وهن بنا خوص طلائح تغتلي     بركبانها في لاحب متمدد
            على كل فتلاء الذراعين جسرة     تمر بنا مر الهجف الحفيدد
            حلفت برب الراقصات إلى منى     صوادر بالركبان من هضب قردد
            بأن رسول الله فينا مصدق     رسول أتى من عند ذي العرش مهتدي
            فما حملت من ناقة فوق رحلها     أشد على أعدائه من محمد
            وأعطى إذا ما طالب العرف جاءه     وأمضى بحد المشرفي المهند

            وعن البراء ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام ، قال البراء : فكنت فيمن خرج مع خالد بن الوليد ، فأقمنا ستة أشهر يدعوهم إلى الإسلام ، فلم يجيبوه ، ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ، فأمره أن يقفل خالدا إلا رجلا ممن كان مع خالد أحب أن يعقب مع علي رضي الله عنه ، فليعقب معه ، قال البراء : فكنت فيمن عقب مع علي ، فلما دنونا من القوم خرجوا إلينا ، فصلى بنا علي رضي الله عنه ، ثم صفنا صفا واحدا ، ثم تقدم بين أيدينا ، وقرأ عليهم كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، فأسلمت همدان جميعا ، فكتب علي - رضي الله عنه - إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإسلامهم ، فلما قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكتاب خر ساجدا ، ثم رفع رأسه ، فقال : ( السلام على همدان ، السلام على همدان ) .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية