.
فلما غربت الشمس واستحكم غروبها بحيث ذهبت الصفرة أفاض من عرفة ، وأردف أسامة بن زيد خلفه ، وأفاض بالسكينة ، وضم إليه زمام ناقته القصواء حتى إن رأسها ليصيب طرف رجله ، وهو يقول : ، أي ليس بالإسراع ، وأفاض من طريق المأزمين وكان دخل مكة من طريق ضب» . «أيها الناس عليكم السكينة ، فإن البر ليس بالإيضاع»
قلت : وفي حديث ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما-
«إليك تغدو قلفا وضينها مخالفا دين النصارى دينها»
رواه الطبراني وقال : المشهور في الرواية أنه من فعل ابن عمر أي : لا مرفوعا ، والله تعالى أعلم . أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أفاض من عرفات وهو يقول :ثم جعل يسير العنق وهو ضرب من السير ليس بالسريع ولا البطيء ، فإذا وجد فجوة- وهو المتسع- نص سيره أي رفعه فوق ذلك وكلما أتى ربوة من تلك الربى أرخى للناقة- وهي العضباء- زمامها قليلا حتى تصعد ، وكان يلبي في مسيره ذلك لا يقطع التلبية ، فلما كان في أثناء الطريق مال إلى الشعب وهو شعب الأذاخر عن يسار الطريق بين المأزمين- ، ثم سار حتى أتى المزدلفة . نزل- صلى الله عليه وسلم- فبال وتوضأ خفيفا ، فقال أسامة : الصلاة يا رسول الله : فقال : «الصلاة أمامك»
قلت : نزل قريبا من النار التي على قزح فتوضأ وضوء الصلاة ، ثم أمر بالأذان فأذن المؤذن ، ثم أقام الصلاة فصلى المغرب قبل حط الرحال ، وتبريك الجمال ، فلما حطوا رحالهم أمر فأقيمت الصلاة ، ثم صلى العشاء الآخرة بإقامة بلا أذان ، ولم يصل بينهما شيئا وقد روي : أنه صلاهما بأذانين وإقامتين ، وروي بإقامتين بلا أذان ، والصحيح : أنه صلاهما بأذان وإقامتين ، كما فعل بعرفة .
ثم نام حتى أصبح ، ولم يحي تلك الليلة ، ولا صح عنه في إحياء ليلتي العيدين شيء .