الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ثم كان أمر الولجة في صفر أيضا من هذه السنة ، فيما ذكره ابن جرير ، وذلك لأنه لما انتهى الخبر بما كان بالمذار من قتل قارن وأصحابه ، إلى أردشير ، وهو ملك الفرس يومئذ ، بعث أميرا شجاعا يقال له : الأندرزغر . وكان من أبناء السواد ، ولد بالمدائن ونشأ بها ، وأمده بجيش آخر مع أمير يقال له : بهمن جاذويه . فساروا حتى بلغوا مكانا يقال له : الولجة . فسمع بهم خالد فسار بمن معه من الجنود ، ووصى من استخلفه هنالك بالحذر وقلة الغفلة ، فنازل أندرزغر ومن تأشب معه ، واجتمع عنده بالولجة ، فاقتتلوا قتالا شديدا هو أشد مما قبله ، حتى ظن الفريقان أن الصبر قد فرغ ، واستبطأ كمينه ; الذي كان قد أرصدهم وراءه في موضعين ، فما كان إلا يسير حتى خرج الكمينان من ها هنا وها هنا ، ففرت صفوف الأعاجم ، فأخذهم خالد من أمامهم ، والكمينان من ورائهم ، فلم يعرف رجل منهم مقتل صاحبه ، وهرب الأندرزغر من الوقعة فمات عطشا ، وقام خالد في الناس خطيبا فرغبهم في بلاد الأعاجم ، وزهدهم في بلاد العرب ، وقال : ألا ترون ما ها هنا من الأطعمات ؟ وبالله لو لم يلزمنا الجهاد في سبيل الله والدعاء إلى الإسلام ، ولم يكن إلا المعاش ، لكان الرأي أن نقاتل على هذا الريف حتى نكون أولى به ، ونولي الجوع والإقلال من تولاه ممن اثاقل عما أنتم عليه . ثم خمس الغنيمة ، وقسم أربعة أخماسها بين الغانمين ، وبعث الخمس إلى الصديق ، وأسر من أسر من ذراري المقاتلة ، وأقر الفلاحين بالجزية .

            وقال سيف بن عمر عن عمرو ، عن الشعبي قال : بارز خالد يوم الولجة رجلا من الأعاجم يعدل بألف رجل ، فقتله ، ثم اتكأ عليه وأتي بغدائه فأكله وهو متكئ عليه . يعني بين الصفين .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية