ذكر ونفقته رضي الله عنه أفعاله الجميلة في الإسلام وفضائله
قد بينا أنه أول من أسلم وشهد بدرا والمشاهد كلها .
عن أسماء بنت أبي بكر ، قالت:
أتى الصريخ إلى أبي [بكر رضي الله عنه] ، فقيل له: أدرك صاحبك ، فخرج من عندنا وإن له غدائر ، فدخل المسجد وهو يقول: [ويلكم] أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم ، قال: فلهوا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأقبلوا على أبي بكر [فرجع إلينا أبو بكر] فجعل لا يمير شيئا من غدائره إلا جاء معه وعن الزهري قال-] .
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لحسان بن ثابت: "هل قلت في أبي بكر شيئا"؟ فقال: نعم ، فقال: "قل وأنا أسمع" ، فقال:
وثاني اثنين في الغار المنيف وقد طاف العدو به إذ صعد الجبلا وكان ردف رسول الله قد علموا
من البرية لم يعدل به رجلا
وعن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول:
وقد وافق ذلك مالا عندي ، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما ، قال: ثم جئت بنصف مالي ، قال: فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما أبقيت لأهلك؟ " قلت: مثله . وأتى أبو بكر رضي الله عنه بكل ما عنده ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نتصدق
"ما أبقيت لأهلك؟ " قال: أبقيت لهم الله ورسوله ، فقلت: لا أسابقك إلى شيء أبدا .
وعن أبي هريرة ، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
وهل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله . وعن أبي سعيد ، "ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر" فبكى أبو بكر وقال: لا يبقى باب في المسجد إلا سد إلا باب أبي بكر" . عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه خطب فقال: "إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر ، ولو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر ، ولكن أخوة الإسلام ومودته ،
أخرجاه في الصحيحين .
وفي إفراد البخاري من حديث أبي الدرداء ، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في أمر جرى بين أبي بكر وعمر: "إن الله بعثني إليكم فقلتم كذب ، وقال أبو بكر: صدقت ، وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركو لي صاحبي مرتين" . فيما أنزل من الآيات في مدحه، أو تصديقه أو أمر من شأنه
قال الله تعالى: ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه [التوبة: 40] أجمع المسلمون على أن الصاحب المذكور أبو بكر وسيأتي فيه أثر عنه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في فأنزل الله سكينته عليه قال: (على أبي بكر ; إن النبي صلى الله عليه وسلم لم تزل السكينة عليه). قوله تعالى:
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود أن فأنزل الله: أبا بكر اشترى بلالا من أمية بن خلف، وأبي بن خلف، ببردة وعشر أواق، فأعتقه لله، والليل إذا يغشى إلى قوله: إن سعيكم لشتى [الليل: 1 - 4] سعي أبي بكر، وأمية، وأبي.
وأخرج ابن جرير عن عامر بن عبد الله بن الزبير قال: كان أبو بكر يعتق على الإسلام بمكة، فكان يعتق عجائز ونساء إذا أسلمن، فقال أبوه: أي بني، أراك تعتق أناسا ضعافا، فلو أنك تعتق رجالا جلدا يقومون معك، ويمنعونك ويدفعون عنك؟ ! قال: (أي أبت، إنما أريد ما عند الله)، قال: فحدثني بعض أهل بيتي أن هذه الآية نزلت فيه: فأما من أعطى واتقى [الليل: 5] إلى آخرها.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن عروة: (أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - أعتق سبعة كلهم يعذب في الله، وفيه نزلت: وسيجنبها الأتقى... [الليل: 17] إلى آخر السورة.
وأخرج البزار عن عبد الله بن الزبير قال: (نزلت هذه الآية: وما لأحد عنده من نعمة تجزى [الليل: 19] إلى آخر السورة في أبي بكر الصديق، رضي الله عنه.
وأخرج البخاري عن عائشة - رضي الله عنها - (أن أبا بكر لم يكن يحنث في يمين حتى أنزل الله كفارة اليمين).
وأخرج البزار وابن عساكر عن أسيد بن صفوان - وكانت له صحبة - قال: قال علي بن أبي طالب: (والذي جاء بالحق) محمد، (وصدق به): أبو بكر الصديق، قال ابن عساكر : هكذا الرواية (بالحق) ولعلها قراءة لعلي.
وأخرج الحاكم عن ابن عباس في وشاورهم في الأمر [آل عمران: 159] قال: (نزلت في أبي بكر وعمر). قوله تعالى:
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شوذب قال: نزلت: ولمن خاف مقام ربه جنتان [الرحمن: 46] في أبي بكر - رضي الله عنه - وله طرق أخرى ذكرتها في «أسباب النزول».
وأخرج الطبراني في «الأوسط» عن ابن عمر وابن عباس في قوله تعالى: وصالح المؤمنين [التحريم: 4] قال: (نزلت في أبي بكر وعمر).
وأخرج عبد بن حميد في «تفسيره» عن مجاهد قال: لما نزلت: إن الله وملائكته يصلون على النبي [الأحزاب: 56] قال أبو بكر: (يا رسول الله، ما أنزل الله عليك خيرا... إلا أشركنا فيه!!)، فنزلت هذه الآية: هو الذي يصلي عليكم وملائكته [الأحزاب: 43].
وأخرج ابن عساكر عن علي بن الحسين: (أن هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين [الحجر: 47].
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال: (نزلت في أبي بكر الصديق: ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا إلى قوله: وعد الصدق الذي كانوا يوعدون [الأحقاف: 15، 16].
وأخرج ابن عساكر عن ابن عيينة قال: (عاتب الله المسلمين كلهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أبا بكر وحده، فإنه خرج من المعاتبة، ثم قرأ: إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار [التوبة: 40]. أعظم فضائل أبي بكر رضي الله عنه
ومن رضي الله عنه فتواه في حضرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعظم فضائل أبي بكر
عن أبي قتادة ، قال:
فقمت فقلت: من يشهد لي؟ ثم جلست [ثم قال: من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه . فقمت ، فقلت: من يشهد لي؟ ثم جلست] ، ثم قال الثالثة مثله ، فقمت [فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما لك يا أبا قتادة؟ فاقتصصت عليه القصة] فقال رجل: صديق يا رسول الله وسلبه عندي ، فأرضه عني ، فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: لاها الله إذا لا تعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله وعن رسوله نعطيك سلبه ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "صدق فأعطه" "من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه ، خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عام حنين ، فلما التقينا كانت للمسلمين جولة فرأيت رجلا من المشركين [علا رجلا] من المسلمين ، فاستدرت له حتى أتيته من ورائه حتى ضربته بالسيف على حبل عاتقه ، فأقبل علي فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت ، ثم أدركه الموت ، فأرسلني ، فلحقت عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فقلت: ما بال الناس؟ قال: أمر الله ، ثم إن الناس رجعوا ، وجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال:
وعن سهل بن سعد ، قال:
[قال]: فلما حضرت العصر أقام بلال الصلاة ، ثم أمر أبا بكر فتقدم بهم ، وجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد ما دخل أبو بكر في الصلاة ، فلما رأوه صفحوا وجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يشق الناس حتى قام خلف أبي بكر ، [قال]: وكان أبو بكر إذا دخل في الصلاة لم يلتفت ، فلما رأى التصفيح لا يمسك عنه ، التفت فرأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم خلفه ، فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيده أن امضه ، فقام أبو بكر كهيئته فحمد الله على ذلك ثم مشى القهقرى ، [قال]: فتقدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فصلى بالناس ، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلاته قال: يا أبا بكر ، ما منعك إذ أومأت إليك [أن] لا تكون مضيت ، قال: فقال أبو بكر: لم يكن لابن أبي قحافة أن يؤم رسول الله فقال للناس: "يا بلال إن حضرت الصلاة ولم آت فمر أبا بكر فليصل بالناس" . "إذا نابكم في صلاتكم [شيء] فليسبح الرجال وليصفح النساء" . أخرجاه في الصحيحين . كان قتال بين بني عمرو بن عوف ، فبلغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فأتاهم بعد الظهر ليصلح بينهم ، فقال:
وعن ابن عمر ، قال:
كنت عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعنده أبو بكر رضي الله عنه وعليه عباءة قد خلها في صدره بخلال ، [فنزل عليه جبريل ، فقال: يا محمد ، ما لي أرى أبا بكر عليه عباءة قد خلها في صدره بخلال؟] فقال: "يا جبريل ، أنفق ماله علي قبل الفتح" ، فقال: إن الله عز وجل يقرأ عليك السلام ويقول لك: قل له: أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يا أبا بكر ، إن الله يقرأ عليك السلام ويقول لك: أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط؟ " ، فقال أبو بكر رضي الله عنه: أأسخط عن ربي ، أنا عن ربي راض ، أنا عن ربي راض ، أنا عن ربي راض .
وعن أسامة بن زيد بن أسلم ، عن أبيه] ، قال:
كان أبو بكر رضي الله عنه معروفا بالتجارة ، ولقد بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعنده أربعون ألف درهم ، فكان يعتق منها ويقوي المسلمين حتى قدم المدينة بخمسة آلاف درهم ، ثم كان يفعل فيها ما كان يفعل بمكة .
أدبه وذكائه رضي الله عنه
أخرج أبو نعيم أن أبا بكر قيل له: يا خليفة رسول الله ألا تستعمل أهل بدر؟ قال: (إني أرى مكانهم ; ولكني أكره أن أدنسهم بالدنيا).
وأخرج أحمد في «الزهد» عن إسماعيل بن محمد : فقال أبو بكر: (إنما الدنيا بلاغ، وخير البلاغ أوسعه، وإنما فضلهم في أجورهم). أن أبا بكر قسم قسما فسوى فيه بين الناس؟، فقال له عمر : (تسوي بين أصحاب بدر وسواهم من الناس؟)