الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            وفي سنة إحدى وعشرين أن عمرو بن العاص سار في جيش معه إلى أنطابلس - قال : وهي برقة - فافتتحها صلحا على ثلاثة عشر ألف دينار في كل سنة .

            وأن يبيعوا من أبنائهم من أرادوا بيعه . فلما فرغ من برقة سار إلى طرابلس الغرب فحاصرها شهرا فلم يظفر بها ، وكان قد نزل شرقيها ، فخرج رجل من بني مدلج يتصيد في سبعة نفر ، وسلكوا غرب المدينة ، فلما رجعوا اشتد عليهم الحر فأخذوا على جانب البحر ، ولم يكن السور متصلا بالبحر ، وكانت سفن الروم في مرساها مقابل بيوتهم ، فرأى المدلجي وأصحابه مسلكا بين البحر والبلد فدخلوا منه وكبروا ، فلم يكن للروم ملجأ إلا سفنهم ، لأنهم ظنوا أن المسلمين قد دخلوا البلد ، ونظر عمرو ومن معه فرأى السيوف في المدينة وسمعوا الصياح ، فأقبل بجيشه حتى دخل عليهم البلد ، فلم يفلت الروم إلا بما خف معهم في مراكبهم .

            وكان أهل حصن سبرة قد تحصنوا لما نزل عمرو على طرابلس ، فلما امتنعوا عليه بطرابلس أمنوا واطمأنوا ، فلما فتحت طرابلس جند عمرو عسكرا كثيفا وسيره إلى سبرة ، فصبحوها وقد فتح أهلها الباب وأخرجوا مواشيهم لتسرح ; لأنهم لم يكن بلغهم خبر طرابلس ، فوقع المسلمون عليهم ودخلوا البلد مكابرة وغنموا ما فيه وعادوا إلى عمرو . ثم سار عمرو بن العاص إلى برقة وبها لواتة ، وهم من البربر .

            وكان سبب مسير البربر إليها وإلى غيرها من الغرب أنهم كانوا بنواحي فلسطين من الشام ، وكان ملكهم جالوت ، فلما قتل سارت البرابر وطلبوا الغرب ، حتى إذا انتهوا إلى لوبية ومراقية ، وهما كورتان من كور مصر الغربية ، تفرقوا فسارت زناتة ومغيلة ، وهما قبيلتان من البربر إلى الغرب فسكنوا الجبال ، وسكنت لواتة أرض برقة ، وتعرف قديما بأنطابلس ، وانتشروا فيها حتى بلغوا السوس ، ونزلت هوارة مدينة لبدة ، ونزلت نفوسة إلى مدينة سبرة وجلا من كان بها من الروم لذلك ، وقام الأفارق ، وهم خدم الروم ، على صلح يؤدونه إلى من غلب على بلادهم . قال : وفي سنة إحدى وعشرين بعث عمرو بن العاص عقبة بن نافع الفهري إلى زويلة ففتحها بصلح ، وصار ما بين برقة إلى زويلة سلما للمسلمين .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية