الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            فتح الباب

            قال ابن جرير : وزعم سيف أنه في سنة ثنتين وعشرين ؛ كتب عمر بن الخطاب كتابا بالإمرة على هذه الغزوة لسراقة بن عمرو - الملقب بذي النور - وجعل على مقدمته عبد الرحمن بن ربيعة ، ويقال له : ذو النور أيضا . وجعل على إحدى المجنبتين حذيفة بن أسيد ، وعلى الأخرى بكير بن عبد الله الليثي - وكان قد تقدمهم إلى الباب - وعلى المقاسم سلمان بن ربيعة . فساروا كما أمرهم عمر ، وعلى تعبئته ، فلما انتهى مقدم العساكر - وهو عبد الرحمن بن ربيعة - إلى الملك الذي هناك عند الباب وهو شهربراز ملك أرمينية وهو من بيت الملك الذي قتل بني إسرائيل وغزا الشام في قديم الزمان ، فكتب شهربراز لعبد الرحمن واستأمنه ، فأمنه عبد الرحمن بن ربيعة ، فقدم عليه الملك. فقال : إني بإزاء عدو كلب وأمم مختلفة ليست لهم أحساب ولا ينبغي لذي الحسب والعقل أن يعينهم على ذي الحسب ، ولست من القبج ولا الأرمن في شيء ، وإنكم قد غلبتم على بلادي وأمتي ، فأنا منكم ويدي مع أيديكم ، وجزيتي إليكم والنصر لكم ، والقيام بما تحبون ، فلا تسوموننا الجزية فتوهنونا بعدوكم . فقال له : إن فوقي رجلا فاذهب إليه . فبعثه إلى سراقة بن عمرو أمير الجيش ، فسأل من سراقة الأمان ، فكتب إلى عمر ، فأجاز ما أعطاه من الأمان ، واستحسنه ، فكتب له سراقة كتابا بذلك . فتح موقان

            ولما فرغ سراقة من الباب أرسل بكير بن عبد الله ، وحبيب بن مسلمة ، وحذيفة بن أسيد ، وسلمان بن ربيعة إلى أهل تلك الجبال المحيطة بأرمينية ، فوجه بكيرا إلى موقان ، وحبيبا إلى تفليس ، وحذيفة إلى جبال اللان ، وسلمان إلى الوجه الآخر . وكتب سراقة بالفتح إلى عمر ، وبإرسال هؤلاء النفر إلى الجهات المذكورة ، فأتى عمر أمر لم يظن أن يتم له بغير مؤونة ; لأنه فرج عظيم وجند عظيم ، فلما استوسقوا واستحلوا الإسلام وعدله مات سراقة ، واستخلف عبد الرحمن بن ربيعة . ولم يفتتح أحد من أولئك القواد إلا بكير ، فإنه فض أهل موقان ، ثم تراجعوا على الجزية ، عن كل حالم دينار .

            وكان فتحها سنة إحدى وعشرين . ولما بلغ عمر موت سراقة واستخلافه عبد الرحمن بن ربيعة أقر عبد الرحمن على فرج الباب وأمره بغزو الترك .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية