وفي سنة ثلاث وعشرين حج عمر بأزواج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهي آخر حجة حجها بالناس .
فعن أبي عثمان ، وأبي حارثة ، والربيع ، بإسنادهم قالوا: حج عمر بأزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم معهن أولياؤهن [ممن] لا تحتجبن منه ، وجعل في مقدم قطارهن: عبد الرحمن بن عوف ، وفي مؤخره: عثمان بن عفان ، فلما ردهن شخص بهما وبالعباس ، وخلفنا عليا عليه السلام على الناس ، ثم أسرع حتى قدم الجابية يوم الوقعة ، فأتاه الفتح بها ، وركب عمر رضي الله عنه مع الجابية يريد الأردن ، ووقف له المسلمون وأهل الذمة ، فخرج عليهم على حمار وأمامه العباس على فرس ، فلما رآه أهل الكتاب سجدوا ، فقال: لا تسجدوا للبشر ، واسجدوا لله . ومضى ، فقال القسيسون
والرهبان: ما رأينا أحدا أشبه بما يوصف من الحواريين من هذا الرجل .
ثم دخل الأردن على بعير ، فلما انتهى إلى الأردن أتى على فيض ماء ، فأخذت الخيول يمنة ويسرة ، فنزل عن بعيره فأخاضه وأخاض ، فدنا منه أبو عبيدة ، فقال: يا أمير المؤمنين ، إنك في بلاد الأعاجم ، وقد ساءني ما رأيت من ابتذالك خشية أن يجري ذلك البطارقة علينا ، فسكت حتى دخل ، فعمد إلى المنبر ، فأطاف به الناس ، فدعا أبا عبيدة ، فأقامه أسفل منه ، فحمد الله وأثنى عليه ، وقال: أيها الناس ، إن الله رفعكم وأعزكم بدينه ، فاطلبوا العز بالدين والكرم تعزوا وتتبعكم الدنيا ، ولا تطلبوا العز بغير الدين فتذلوا ، والله لو كنت تقدمت إليك من قبل الآن لنكلت بك .
ورجع عمر إلى المدينة في المحرم سنة سبع عشرة - هكذا من رواية سيف .
وغيره يقول: كان ذلك في سنة ثلاث وعشرين .
وعن عبد الله بن عمر ، عن نافع ، ] عن أسلم مولى عمر قال: صنع أرخن الجابية لعمر بن الخطاب طعاما في الكنيسة ، فطعم عمر ، ثم حضرت الصلاة ، فصلى عمر بأصحابه في الكنيسة .