قد تقدم ، فقطع المفازة حتى أتى حصن زالق ، فأغار على أهله يوم مهرجان وأخذ الدهقان ، فافتدى نفسه بأن غرز عنزة وغمرها ذهبا وفضة ، وصالحه على صلح فارس . ثم أتى بلدة يقال لها كركويه ، فصالحه أهلها ، وسار إلى زرنج فنزل على مدينة روشت بقرب زرنج ، فقاتله أهلها وأصيب رجال من المسلمين . ثم انهزم المشركون وقتل منهم مقتلة عظيمة ، وأتى الربيع ناشروذ ففتحها ، ثم أتى شرواذ فغلب عليها ، وسار منها إلى زرنج فنازلها وقاتله أهلها فهزمهم وحصرهم ، فأرسل إليه مرزبانها ليصالحه واستأمنه على نفسه ليحضر عنده فأمنه ، وجلس له الربيع على جسد من أجساد القتلى واتكأ على آخر ، وأمر أصحابه ففعلوا مثله ، فلما رآهم المرزبان هاله ذلك فصالحه على ألف وصيف مع كل وصيف جام من ذهب ، ودخل المسلمون المدينة . ثم سار منها إلى سناروذ ، وهي واد ، فعبره وأتى القرية التي بها مربط فرس رستم الشديد ، فقاتله أهلها ، فظفر بهم ثم عاد إلى زرنج وأقام بها نحو سنة ، وعاد إلى ابن عامر ، واستخلف عليها عاملا ، فأخرج أهلها العامل وامتنعوا . فتح سجستان أيام عمر بن الخطاب ، ثم إن أهلها نقضوا بعده . فلما توجه ابن عامر إلى خراسان سير إليها من كرمان الربيع بن زياد الحارثي
فكانت ولاية الربيع سنة ونصفا . وسبى فيها أربعين ألف رأس . وكان كاتبه الحسن البصري . فاستعمل ابن عامر عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس على سجستان ، فسار إليها فحصر زرنج ، فصالحه مرزبانها على ألفي ألف درهم وألفي وصيف . وغلب عبد الرحمن على ما بين زرنج والكش من ناحية الهند ، وغلب من ناحية الرخج على ما بينه وبين الداور . فلما انتهى إلى بلد الداور حصرهم في جبل الزور ، ثم صالحهم ودخل على الزور ، وهو صنم من ذهب ، عيناه ياقوتتان ، فقطع يده وأخذ الياقوتتين ، ثم قال للمرزبان : دونك الذهب والجوهر ، وإنما أردت أن أعلمك أنه لا يضر ولا ينفع . وفتح كابل وزابلستان ، وهي ولاية غزنة ، ثم عاد إلى زرنج فأقام بها حتى اضطرب أمر عثمان ، فاستخلف عليها أمير بن أحمر اليشكري وانصرف ، فأخرج أهلها أمير بن أحمر وامتنعوا ، ولأمير يقول زياد بن الأعجم :
لولا أمير هلكت يشكر ويشكر هلكى على كل حال