الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل عثمان ، رضي الله عنه ، نذكر ما تيسر منها إن شاء الله تعالى ، وبه الثقة ; وهي قسمان : الأول : فيما ورد في فضائله مع غيره

            فمن ذلك : الحديث الذي رواه البخاري في " صحيحه " بسنده عن قتادة أن أنسا حدثهم قال : صعد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أحدا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف ، فقال : " اسكن أحد - أظنه ضربه برجله - فليس عليك إلا نبي وصديق وشهيدان " تفرد به دون مسلم .

            حديث آخر : وهو ما ثبت في " الصحيحين " من حديث أبي عثمان النهدي ، عن أبي موسى الأشعري قال : كنت مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في حائط ، فأمرني بحفظ الباب ، فجاء رجل يستأذن ، فقلت : من هذا ؟ قال : أبو بكر . فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " ائذن له وبشره بالجنة " . ثم جاء عمر فقال : " ائذن له وبشره بالجنة " . ثم جاء عثمان فقال : " ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه " . فدخل وهو يقول : اللهم صبرا . وفي رواية : الله المستعان . وزاد عاصم : أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، كان قاعدا في مكان فيه ماء قد انكشف عن ركبتيه ، أو ركبته ، فلما دخل عثمان غطاها . وهو في " الصحيحين " أيضا ، من حديث سعيد بن المسيب عن أبي موسى وفيه : أن أبا بكر وعمر دليا أرجلهما مع رسول الله في باب القف وهو في البئر ، وجاء عثمان فلم يجد له موضعا فجلس ناحية . قال سعيد بن المسيب فأولت ذلك قبورهم ; اجتمعت وانفرد عثمان .

            حديث آخر : عن يحيى بن سعيد بن العاص أن سعيد بن العاص أخبره أن عائشة زوج النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وعثمان حدثاه ، أن أبا بكر استأذن على النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وهو مضطجع على فراشه لابس مرط عائشة ، فأذن لأبي بكر وهو كذلك ، فقضى إليه حاجته ، ثم انصرف ، فاستأذن عمر فأذن له وهو على تلك الحالة ، فقضى إليه حاجته ثم انصرف ، قال عثمان : ثم استأذنت عليه ، فجلس وقال : " اجمعي عليك ثيابك " . فقضيت إليه حاجتي ثم انصرفت . فقالت عائشة : يا رسول الله مالي لا أراك فزعت لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان ؟ فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : إن عثمان رجل حيي ، وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحالة لا يبلغ إلي حاجته . قال الليث : وقال جماعة الناس : إن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال لعائشة : ألا أستحي ممن تستحي منه الملائكة ! .

            حديث آخر : قال الإمام وعن أنس قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أرحم أمتي أبو بكر ، وأشدها في دين الله عمر ، وأشدها حياء عثمان ، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل ، وأقرؤها لكتاب الله أبي ، وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت ، ولكل أمة أمين ، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح . حديث آخر : عن جابر بن عبد الله أنه كان يحدث أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : ( أري الليلة رجل صالح أن أبا بكر نيط برسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ونيط عمر بأبي بكر ، ونيط عثمان بعمر . قال جابر : فلما قمنا من عند رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قلنا : أما الرجل الصالح فرسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وأما ما ذكر رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، من نوط بعضهم لبعض فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله به نبيه ، صلى الله عليه وسلم .

            حديث آخر : عن ابن عمر قال : خرج علينا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ذات غداة بعد طلوع الشمس فقال : رأيت قبيل الفجر كأني أعطيت المقاليد والموازين ، فأما المقاليد فهذه المفاتيح ، وأما الموازين فهي التي تزنون بها ، فوضعت في كفة ، ووضعت أمتي في كفة ، فوزنت بهم فرجحت ، ثم جيء بأبي بكر فوزن بهم فوزن ، ثم جيء بعمر فوزن فوزن ، ثم جيء بعثمان فوزن بهم ، ثم رفعت تفرد به أحمد .

            حديث آخر : عن عائشة قالت : لما أسس رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، مسجد المدينة جاء بحجر فوضعه ، وجاء أبو بكر بحجر فوضعه ، وجاء عمر بحجر فوضعه ، وجاء عثمان بحجر فوضعه ، قالت : فسئل رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، عن ذلك ، فقال : هذا أمر الخلافة من بعدي وعن أبي ذر في تسبيح الحصا في يده عليه الصلاة والسلام ، ثم في كف أبي بكر ، ثم في كف عمر ، ثم في كف عثمان ، رضي الله عنهم . وفي بعض الروايات : فقال : رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : هذه خلافة النبوة

            وسيأتي حديث سفينة أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال : الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا فكانت ولاية عثمان ، ومدتها ثنتي عشرة سنة ، من جملة هذه الثلاثين بلا خلاف بين العلماء العاملين ، كما أخبر به سيد المرسلين ، صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله وصحبه أجمعين .

            حديث آخر : وهو ما روي من طرق متعددة عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أنه شهد للعشرة بالجنة ، وعثمان منهم بنص النبي ، صلى الله عليه وسلم ، على ذلك .

            حديث آخر : عن ابن عمر قال : كنا في زمن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لا نعدل بأبي بكر أحدا ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم نترك أصحاب النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لا نفاضل بينهم . طريق أخرى عن ابن عمر ، رضي الله عنهما : قال الإمام أحمد : بسنده عن ابن عمر قال : كنا نعد ورسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، حي وأصحابه متوافرون ; أبو بكر وعمر وعثمان ، ثم نسكت .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية