وفي سنة ثنتين وأربعين الذين كانوا قد عفا عنهم علي يوم النهروان وقد عوفي جرحاهم وثابت إليهم قواهم ، كان سبب خروجهم أن حيان بن ظبيان السلمي كان خارجيا وكان قد ارتث يوم النهر ، فلما برأ لحق بالري في رجال معه : تحركت الخوارج
فأقاموا بها حتى بلغهم مقتل علي فلما بلغهم مقتل علي ترحموا على قاتله ابن ملجم ، وقال أحدهم وهو سالم بن ربيعة العبسي : لا يقطع الله يدا علت قذال علي بالسيف . وجعلوا يحمدون الله على قتل علي ، رضي الله عنه ولا رضي عنهم . ثم إن سالما رجع عن رأي الخوارج بعد ذلك وصلح ، ودعاهم حيان إلى الخروج ومقاتلة أهل القبلة ، فأقبلوا إلى الكوفة فأقاموا بها حتى قدمها معاوية ، واستعمل على الكوفة المغيرة بن شعبة ، فأحب العافية وأحسن السيرة ، وكان يؤتى فيقال له :
إن فلانا يرى رأي الشيعة وفلانا يرى رأي الخوارج ، فيقول : قضى الله أن لا يزالوا مختلفين وسيحكم الله بين عباده . فأمنه الناس .
وكانت الخوارج يلقى بعضهم بعضا ويتذاكرون مكان إخوانهم بالنهر ، فاجتمعوا على ثلاثة نفر : على المستورد بن علفة التيمي من تيم الرباب ، وعلى معاذ بن جوين الطائي وهو ابن عم زيد بن حصين الذي قتل يوم النهر ، وعلى حيان بن ظبيان السلمي ، واجتمعوا في أربعمائة فتشاوروا فيمن يولون عليهم ، فكلهم دفع الإمارة عن نفسه ، ثم اتفقوا فولوا المستورد وبايعوه ، وذلك في جمادى الآخرة ، واتعدوا للخروج واستعدوا ، وكان خروجهم غرة شعبان سنة ثلاث وأربعين .