الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            وفي سنة ثنتين وأربعين تحركت الخوارج الذين كانوا قد عفا عنهم علي يوم النهروان وقد عوفي جرحاهم وثابت إليهم قواهم ، كان سبب خروجهم أن حيان بن ظبيان السلمي كان خارجيا وكان قد ارتث يوم النهر ، فلما برأ لحق بالري في رجال معه :

            فأقاموا بها حتى بلغهم مقتل علي فلما بلغهم مقتل علي ترحموا على قاتله ابن ملجم ، وقال أحدهم وهو سالم بن ربيعة العبسي : لا يقطع الله يدا علت قذال علي بالسيف . وجعلوا يحمدون الله على قتل علي ، رضي الله عنه ولا رضي عنهم . ثم إن سالما رجع عن رأي الخوارج بعد ذلك وصلح ، ودعاهم حيان إلى الخروج ومقاتلة أهل القبلة ، فأقبلوا إلى الكوفة فأقاموا بها حتى قدمها معاوية ، واستعمل على الكوفة المغيرة بن شعبة ، فأحب العافية وأحسن السيرة ، وكان يؤتى فيقال له :

            إن فلانا يرى رأي الشيعة وفلانا يرى رأي الخوارج ، فيقول : قضى الله أن لا يزالوا مختلفين وسيحكم الله بين عباده . فأمنه الناس .

            وكانت الخوارج يلقى بعضهم بعضا ويتذاكرون مكان إخوانهم بالنهر ، فاجتمعوا على ثلاثة نفر : على المستورد بن علفة التيمي من تيم الرباب ، وعلى معاذ بن جوين الطائي وهو ابن عم زيد بن حصين الذي قتل يوم النهر ، وعلى حيان بن ظبيان السلمي ، واجتمعوا في أربعمائة فتشاوروا فيمن يولون عليهم ، فكلهم دفع الإمارة عن نفسه ، ثم اتفقوا فولوا المستورد وبايعوه ، وذلك في جمادى الآخرة ، واتعدوا للخروج واستعدوا ، وكان خروجهم غرة شعبان سنة ثلاث وأربعين .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية