وقال أبو القاسم البغوي : بسنده عن أشعث بن سحيم ، عن أبيه قال : سمعت أنس بن الحارث يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن ابني هذا - يعني الحسين - يقتل بأرض يقال لها : كربلاء . فمن شهد منكم ذلك فلينصره " . قال : فخرج أنس بن الحارث إلى كربلاء فقتل مع الحسين . وعن عبد الله بن نجي ، عن أبيه " ، أنه سار مع علي - وكان صاحب مطهرته - فلما حاذى نينوى وهو منطلق إلى صفين فنادى علي : اصبر أبا عبد الله ، اصبر أبا عبد الله بشط الفرات . قلت : وماذا ؟ قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وعيناه تفيضان ، فقلت : يا نبي الله ، أغضبك أحد ؟ وما شأن عينيك تفيضان ؟ قال : " بل قام من عندي جبريل قبل ، فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات " . قال : " فقال : هل لك أن أشمك من تربته ؟ قلت : نعم . فمد يده ، فقبض قبضة من تراب فأعطانيها ، فلم أملك عيني أن فاضتا
وقد روى محمد بن سعد وغيره من غير وجه ، عن علي بن أبي طالب ، أنه مر بكربلاء ، عند أشجار الحنظل ، وهو ذاهب إلى صفين ، فسأل عن اسمها فقيل : كربلاء . فقال : كرب وبلاء . فنزل وصلى عند شجرة هناك ، ثم قال : يقتل هاهنا شهداء هم خير الشهداء غير الصحابة ، يدخلون الجنة بغير حساب . وأشار إلى مكان هناك ، فعلموه بشيء ، فقتل فيه الحسين ، رضي الله عنه .
وقد روي عن كعب الأحبار آثار في كربلاء . وقد حكى أبو الجناب الكلبي وغيره أن أهل كربلاء لا يزالون يسمعون نوح الجن على الحسين ، رضي الله عنه ، وهن يقلن :
مسح الرسول جبينه فله بريق في الخدود أبواه من عليا قري
ش جده خير الجدود
خرجوا به وفدا إلي ه فهم له شر الوفود
قتلوا ابن بنت نبيهم سكنوا به نار الخلود
أترجو أمة قتلت حسينا شفاعة جده يوم الحساب
وقال الإمام أحمد بسنده عن ابن عباس قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام بنصف النهار أشعث أغبر ، معه قارورة فيها دم ، فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، ما هذا ؟ قال : " هذا دم الحسين وأصحابه ، لم أزل ألتقطه منذ اليوم " . قال عمار : فأحصينا ذلك اليوم فوجدناه قد قتل في ذلك اليوم .
وروى الترمذي بسنده عن سلمى قالت : دخلت على أم سلمة وهي تبكي ، فقلت : ما يبكيك ؟ فقالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وعلى رأسه ولحيته التراب ، فقلت : ما لك يا رسول الله ؟ قال : شهدت قتل الحسين آنفا .
وقال محمد بن سعد بسنده عن شهر بن حوشب قال : إنا لعند أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، فسمعنا صارخة ، فأقبلت حتى انتهت إلى أم سلمة ، فقالت : قتل الحسين . فقالت : قد فعلوها ، ملأ الله قبورهم - أو بيوتهم - عليهم نارا . ووقعت مغشيا عليها ، وقمنا .
وروى الحسين بن إدريس ، بسنده عن أم سلمة قالت : سمعت الجن تنوح على الحسين ، وهن يقلن
أيها القاتلون ظلما حسينا أبشروا بالعذاب والتنكيل
كل أهل السماء يدعو عليكم من نبي ومرسل وقبيل
قد لعنتم على لسان ابن داود وموسى وصاحب الإنجيل
وقال الخطيب بسنده عن ابن عباس قال : . أوحى الله تعالى إلى محمد صلى الله عليه وسلم : إني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا ، وأنا قاتل بابن ابنتك سبعين ألفا وسبعين ألفا
وأخرج ثعلب في «أماليه» عن أبي جناب الكلبي قال: أتيت كربلاء فقلت لرجل من أشراف العرب بها: بلغني أنكم تسمعون نوح الجن؟ قال: ما تلقى أحدا إلا أخبرك أنه سمع ذلك، قلت: فأخبرني ما سمعت أنت؟ قال: سمعتهم يقولون:
مسح الرسول جبينه فله بريق في الخدود
أبواه من عليا قريـــ ـــش وجده خير الجدود