الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ولقد بالغ الشيعة في يوم عاشوراء ، فوضعوا أحاديث كثيرة وكذبا فاحشا من كون الشمس كسفت يومئذ حتى بدت النجوم ، وما رفع يومئذ حجر إلا وجد تحته دم ، وأن أرجاء السماء احمرت ، وأن الشمس كانت تطلع وشعاعها كأنه دم ، وصارت السماء كأنها علقة ، وأن الكواكب صار يضرب بعضها بعضا ، وأمطرت السماء دما أحمر ، وأن الحمرة لم تكن في السماء قبل يومئذ . وروى ابن لهيعة ، عن أبي قبيل المعافري ، أن الشمس كسفت يومئذ حتى بدت النجوم وقت الظهر . وأن رأس الحسين لما دخلوا به قصر الإمارة جعلت الحيطان تسيل دما . وأن الأرض أظلمت ثلاثة أيام . ولم يمس زعفران ولا ورس مما كان معه يومئذ إلا احترق من مسه . ولم يرفع حجر من حجارة بيت المقدس إلا ظهر تحته دم عبيط . وأن الإبل التي غنموها من إبل الحسين حين طبخوها صار لحمها مثل العلقم . إلى غير ذلك من الأكاذيب والأحاديث الموضوعة التي لا يصح منها شيء .

            وأما ما روي من الأمور والفتن التي أصابت من قتله فأكثرها صحيح ; فإنه قل من نجا منهم في الدنيا إلا أصيب بمرض ، وأكثرهم أصابه الجنون .

            وللشيعة والرافضة في صفة مصرع الحسين ، رضي الله عنه ، كذب كثير وأخبار طويلة ، وفيما ذكرناه كفاية ، وفي بعض ما أوردناه نظر ، ولولا أن ابن جرير وغيره من الحفاظ الأئمة ذكروه ما سقته ، وأكثره من رواية أبي مخنف لوط بن يحيى ، وقد كان شيعيا ، وهو ضعيف الحديث عند الأئمة ، ولكنه أخباري حافظ ، عنده من هذه الأشياء ما ليس عند غيره ، ولهذا يترامى عليه كثير من المصنفين ممن بعده . والله أعلم .

            وقد أسرف الرافضة في دولة بني بويه في حدود الأربعمائة وما حولها ، فكانت الدبادب تضرب ببغداد ونحوها من البلاد في يوم عاشوراء ، ويذر الرماد والتبن في الطرقات والأسواق ، وتعلق المسوح على الدكاكين ، ويظهر الناس الحزن والبكاء ، وكثير منهم لا يشرب الماء ليلتئذ موافقة للحسين ، لأنه قتل عطشان ، ثم تخرج النساء حاسرات عن وجوههن ينحن ويلطمن وجوههن وصدورهن ، حافيات في الأسواق ، إلى غير ذلك من البدع الشنيعة ، والأهواء الفظيعة ، والهتائك المخترعة ، وإنما يريدون بهذا وأشباهه أن يشنعوا على دولة بني أمية ; لأنه قتل في أيامهم .

            وقد عاكس الرافضة والشيعة يوم عاشوراء النواصب من أهل الشام فكانوا في يوم عاشوراء يطبخون الحبوب ويغتسلون ويتطيبون ويلبسون أفخر ثيابهم ، ويتخذون ذلك اليوم عيدا ، يصنعون فيه أنواع الأطعمة ، ويظهرون السرور والفرح ; يريدون بذلك عناد الروافض ومعاكستهم .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية