ولقد بالغ الشيعة في يوم عاشوراء ، فوضعوا أحاديث كثيرة وكذبا فاحشا من كون الشمس كسفت يومئذ حتى بدت النجوم ، وما رفع يومئذ حجر إلا وجد تحته دم ، وأن أرجاء السماء احمرت ، وأن الشمس كانت تطلع وشعاعها كأنه دم ، وصارت السماء كأنها علقة ، وأن الكواكب صار يضرب بعضها بعضا ، وأمطرت السماء دما أحمر ، وأن الحمرة لم تكن في السماء قبل يومئذ . وروى ابن لهيعة ، عن أبي قبيل المعافري ، أن الشمس كسفت يومئذ حتى بدت النجوم وقت الظهر . وأن رأس الحسين لما دخلوا به قصر الإمارة جعلت الحيطان تسيل دما . وأن الأرض أظلمت ثلاثة أيام . ولم يمس زعفران ولا ورس مما كان معه يومئذ إلا احترق من مسه . ولم يرفع حجر من حجارة بيت المقدس إلا ظهر تحته دم عبيط . وأن الإبل التي غنموها من إبل الحسين حين طبخوها صار لحمها مثل العلقم . إلى غير ذلك من الأكاذيب والأحاديث الموضوعة التي لا يصح منها شيء .
وأما ما روي من الأمور والفتن التي أصابت من قتله فأكثرها صحيح ; فإنه قل من نجا منهم في الدنيا إلا أصيب بمرض ، وأكثرهم أصابه الجنون .
وللشيعة والرافضة في صفة مصرع الحسين ، رضي الله عنه ، كذب كثير وأخبار طويلة ، وفيما ذكرناه كفاية ، وفي بعض ما أوردناه نظر ، ولولا أن ابن جرير وغيره من الحفاظ الأئمة ذكروه ما سقته ، وأكثره من رواية أبي مخنف لوط بن يحيى ، وقد كان شيعيا ، وهو ضعيف الحديث عند الأئمة ، ولكنه أخباري حافظ ، عنده من هذه الأشياء ما ليس عند غيره ، ولهذا يترامى عليه كثير من المصنفين ممن بعده . والله أعلم .
وقد أسرف الرافضة في دولة بني بويه في حدود الأربعمائة وما حولها ، فكانت الدبادب تضرب ببغداد ونحوها من البلاد في يوم عاشوراء ، ويذر الرماد والتبن في الطرقات والأسواق ، وتعلق المسوح على الدكاكين ، ويظهر الناس الحزن والبكاء ، وكثير منهم لا يشرب الماء ليلتئذ موافقة للحسين ، لأنه قتل عطشان ، ثم تخرج النساء حاسرات عن وجوههن ينحن ويلطمن وجوههن وصدورهن ، حافيات في الأسواق ، إلى غير ذلك من البدع الشنيعة ، والأهواء الفظيعة ، والهتائك المخترعة ، وإنما يريدون بهذا وأشباهه أن يشنعوا على دولة بني أمية ; لأنه قتل في أيامهم .
وقد عاكس الرافضة والشيعة يوم عاشوراء النواصب من أهل الشام فكانوا في يوم عاشوراء يطبخون الحبوب ويغتسلون ويتطيبون ويلبسون أفخر ثيابهم ، ويتخذون ذلك اليوم عيدا ، يصنعون فيه أنواع الأطعمة ، ويظهرون السرور والفرح ; يريدون بذلك عناد الروافض ومعاكستهم .