الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            وقد تأول عليه من قتله أنه جاء ليفرق كلمة المسلمين بعد اجتماعها ، وليخلع من بايعه الناس واجتمعوا عليه ، وقد ورد في " صحيح مسلم " الحديث بالزجر عن ذلك ، والتحذير منه ، والتوعد عليه ، وبتقدير أن تكون طائفة من الجهلة قد تأولوا عليه وقتلوه ، ولم يكن لهم قتله ، بل كان يجب عليهم إجابته إلى ما سأل من تلك الخصال الثلاثة المتقدم ذكرها ، فإذا ذمت طائفة من الجبارين لم تذم الأمة بكمالها وتتهم على نبيها صلى الله عليه وسلم ، فليس الأمر كما ذهبوا إليه ، ولا كما سلكوه ، بل أكثر الأمة قديما وحديثا كاره ما وقع من قتله وقتل أصحابه سوى شرذمة قليلة من أهل الكوفة ، قبحهم الله ، وأكثرهم كانوا قد كاتبوه ليتوصلوا به إلى أغراضهم ومقاصدهم الفاسدة ، فلما علم ذلك ابن زياد منهم بلغهم ما يريدون من الدنيا ، وأخذهم على ذلك ، وحملهم عليه بالرغبة والرهبة ، فانكفوا عن الحسين وخذلوه ثم قتلوه ، وليس كل ذلك الجيش كان راضيا بما وقع من قتله ، بل ولا يزيد بن معاوية رضي بذلك - والله أعلم - ولا كرهه ، والذي يكاد يغلب على الظن أن يزيد لو قدر عليه قبل أن يقتل لعفا عنه ، كما أوصاه بذلك أبوه ، وكما صرح هو به مخبرا عن نفسه بذلك .

            وقد لعن ابن زياد على فعله ذلك وشتمه فيما يظهر ويبدو ، ولكن لم يعزله على ذلك ولا عاقبه ولا أرسل يعيب عليه ذلك . والله أعلم .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية