الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            قتل المختار قتلة الحسين - عليه السلام - ثم شرع المختار يتتبع قتلة الحسين من شريف ووضيع فيقتله ، وكان سبب ذلك أن عبيد الله بن زياد كان قد جهزه مروان بن الحكم من دمشق ليدخل الكوفة ، فإن هو ظفر بها فليبحها ثلاثة أيام ، وجعل له ما غلب عليه من البلاد ، فسار ابن زياد قاصدا الكوفة فلقي جيش التوابين بعين الوردة - كما ذكرنا - ثم سار حتى انتهى إلى الجزيرة فوجد بها قيس عيلان ، وهو من أنصار ابن الزبير ، وقد كان مروان أصاب منهم قتلى كثيرة يوم مرج راهط ، وهم ألب عليه ، وعلى ابنه عبد الملك من بعده ، فتعوق عن المسير سنة وهو محاصر قيس عيلان بالجزيرة . فتوفي مروان وولي بعده ابنه عبد الملك بن مروان ، فأقر ابن زياد على ما كان أبوه ولاه ، وأمره بالجد في أمره .

            فلما لم يمكنه في زفر ومن معه من قيس شيء أقبل إلى الموصل ، فكتب عبد الرحمن بن سعيد عامل المختار إلى المختار يخبره بدخول ابن زياد أرض الموصل ، وأنه قد تنحى له عن الموصل إلى تكريت . فدعا المختار يزيد بن أنس الأسدي ، وأمره أن يسير إلى الموصل ، فينزل بأداني أرضها حتى يمده بالجنود ، فقال له يزيد : خلني أنتخب ثلاثة آلاف فارس ، وخلني مما توجهني إليه ، فإن احتجت كتبت إليك أستمدك . فأجابه المختار ، فانتخب له ثلاثة آلاف ، وسار عن الكوفة ، وسار معه المختار والناس يشيعونه ، فلما ودعه قال له : إذا لقيت عدوك فلا تناظرهم ، وإذا مكنتك الفرصة فلا تؤخرها ، وليكن خبرك كل يوم عندي ، وإن احتجت إلى مدد فاكتب إلي ، مع أني ممدك وإن لم تستمد ; لأنه أشد لعضدك ، وأرعب لعدوك . ودعا له الناس بالسلامة ، ودعوا له ، فقال لهم : اسألوا الله لي بالشهادة ، فوالله لئن فاتني النصر لا تفوتني الشهادة .

            فكتب المختار إلى عبد الرحمن بن سعيد أن خل بين يزيد وبين البلاد .

            فسار يزيد إلى المدائن ، ثم سار إلى أرض جوخى والراذانات إلى أرض الموصل ، فنزل بباتلى ولما بلغ خبر مخرجهم من الكوفة عبيد الله بن زياد جهز بين يديه سريتين إحداهما مع ربيعة بن مخارق ثلاثة آلاف ، والأخرى مع عبد الله بن حملة ثلاثة آلاف ، وقال : أيكم سبق فهو الأمير ، وإن سبقتما معا فالأمير على الناس أسنكما ، فسبق ربيعة بن مخارق إلى يزيد بن أنس فالتقيا في طرف أرض الموصل مما يلي الكوفة ، فتواقفا هنالك ، ويزيد بن أنس مريض مدنف ، وهو مع ذلك يحرض قومه على الجهاد ويدور على الأرباع وهو محمول مضنى راكب على حمار ، وهو يقول لقومه : يا شرطة الله ، اصبروا تؤجروا ، وقاتلوا عدوكم تظفروا ، ثم نزل فوضع له سريره بين الصفين ، وقال لقومه : قاتلوا عن أميركم إن شئتم أو فروا عنه ، وقال للناس : إن هلكت فالأمير على الناس عبد الله بن ضمرة العذري رأس الميمنة ، فإن هلك فسعر بن أبي سعر رأس الميسرة . وكان ورقاء بن عازب الأسدي على الخيل ، وهو وهؤلاء ، الثلاثة أمراء الأرباع ، وكان ذلك في يوم عرفة من سنة ست وستين عند إضاءة الصبح ، فاقتتلوا هم والشاميون قتالا شديدا ، واضطربت كل من الميمنتين والميسرتين ، ثم حمل ورقاء على الخيل فهزمها ، وفر الشاميون ، وقتل أميرهم ربيعة بن مخارق ، واحتاز جيش المختار ما في عسكرهم ، ورجع فرارهم فلقوا الأمير الآخر عبد الله بن حملة فقال : ما خبركم ؟ فأخبروه فرجع بهم وسار بهم نحو يزيد بن أنس فانتهى إليهم عشاء ، فبات الناس متحاجزين ، فلما أصبحوا تواقفوا على تعبئتهم وذلك يوم الأضحى من سنة ست وستين ، فاقتتلوا قتالا شديدا فهزم جيش المختار جيش الشاميين أيضا ، وقتلوا أميرهم عبد الله بن حملة ، واحتووا على ما في معسكرهم ، وأسروا منهم ثلاثمائة أسير ، فجاءوا بهم إلى يزيد بن أنس وهو على آخر رمق ، فأمر بضرب أعناقهم .

            ومات يزيد بن أنس من يومه ذلك ، وصلى عليه خليفته ورقاء بن عامر ودفنه ، وسقط في أيدي أصحابه وجعلوا يتسللون راجعين إلى الكوفة ، فقال لهم ورقاء : يا قوم ماذا ترون ؟ إنه قد بلغني أن ابن زياد قد أقبل في ثمانين ألفا من الشام ، ولا أرى لكم بهم طاقة ، وقد هلك أميرنا وتفرق عنا طائفة من الجيش من أصحابنا ، فلو انصرفنا راجعين إلى بلادنا ونظهر أنا إنما انصرفنا حزنا منا على أميرنا لكان خيرا لنا من أن نلقاهم فيهزمونا ، ونرجع مغلوبين . فاتفق رأي الأمراء على ذلك ، فرجعوا إلى الكوفة .

            فلما بلغ خبرهم أهل الكوفة وأنهم قد كروا راجعين ، وبلغهم أن يزيد بن أنس قد هلك ، أرجف أهل الكوفة بالمختار ، وقالوا : قتل يزيد بن أنس في المعركة وانهزم جيشه وعما قليل يقدم عليكم ابن زياد فيستأصلكم ويشتف خضراءكم . الخروج على المختار بن أبي عبيد الثقفي ثم تمالئوا على الخروج على المختار وقالوا : هو كذاب ، واتفقوا على حربه وقتاله وإخراجه من بين أظهرهم ، وقالوا : هو كذاب قد قدم موالينا على أشرافنا ، وزعم أن محمد ابن الحنفية قد أمره بالأخذ بثأر الحسين ، وهو لم يأمره بشيء ، وإنما هو متقول عليه . وانتظروا بخروجهم عليه أن يخرج من الكوفة إبراهيم بن الأشتر فإنه قد عينه المختار أن يخرج في سبعة آلاف للقاء ابن زياد فلما خرج إبراهيم بن الأشتر اجتمع أشراف الكوفة عند شبث بن ربعي وقالوا : والله إن المختار تأمر علينا بغير رضى منا ، ولقد أدنى موالينا ، فحملهم على الدواب وأعطاهم فيئنا . وكان شبث شيخهم ، وكان جاهليا إسلاميا ، فقال لهم شبث : دعوني حتى ألقاه .

            فذهب إليه ، فلم يدع شيئا أنكروه إلا ذكره له ، فأخذ لا يذكر خصلة إلا قال له المختار : أنا أرضيهم في هذه الخصلة ، وآتي لهم كل ما أحبوا . وذكر له الموالي ومشاركتهم في الفيء ، فقال له : إن أنا تركت مواليكم ، وجعلت فيئكم لكم ، تقاتلون معي بني أمية وابن الزبير ، وتعطوني على الوفاء عهد الله وميثاقه ، وما أطمئن إليه من الأيمان ؟ فقال شبث : حتى أخرج إلى أصحابي ، فأذكر لهم ذلك . فخرج إليهم ، فلم يرجع إليه ، وأجمع رأيهم على قتاله .

            فاجتمع شبث بن ربعي ، ومحمد بن الأشعث ، وعبد الرحمن بن سعيد بن قيس ، وشمر - حتى دخلوا على كعب بن أبي كعب الخثعمي ، فكلموه في ذلك ، فأجابهم إليه ، فخرجوا من عنده حتى دخلوا على عبد الرحمن بن مخنف الأزدي ، فدعوه إلى ذلك ، فقال لهم : إن أطعتموني لم تخرجوا . فقالوا له : لم ؟ فقال : لأني أخاف أن تتفرقوا وتختلفوا ، ومع الرجل شجعانكم وفرسانكم مثل فلان وفلان ، ثم معه عبيدكم ومواليكم ، وكلمة هؤلاء واحدة ، ومواليكم أشد حنقا عليكم من عدوكم ، فهم مقاتلوكم بشجاعة العرب وعداوة العجم ، وإن انتظرتموه قليلا كفيتموه بقدوم أهل الشام ، ( أو مجيء أهل البصرة ، فتكونوا قد كفيتموه ) بغيركم ، ولم تجعلوا بأسكم بينكم . فقالوا : ننشدك الله أن تخالفنا وتفسد علينا رأينا ، وما أجمعنا عليه ! فقال : إنما أنا رجل منكم ، فإذا شئتم فاخرجوا . ، ثم وثبوا فركبت كل قبيلة مع أميرها في ناحية من نواحي الكوفة وقصدوا قصر الإمارة ، وبعث المختار عمرو بن توبة بريدا إلى إبراهيم بن الأشتر ليرجع إليه سريعا ، وبعث المختار إلى أولئك يقول لهم : ماذا تنقمون ؟ فإني أجيبكم إلى جميع ما تطلبون ، وإنما يريد أن يثبطهم عن مناهضته حتى يقدم إبراهيم بن الأشتر وقال : إن كنتم لا تصدقوني في أمر محمد ابن الحنفية فابعثوا من جهتكم وأبعث من جهتي من يسأله عن ذلك . ، وأمر أصحابه فكفوا أيديهم ، وقد أخذ عليهم أهل الكوفة بأفواه السكك ، فلا يصل إليهم شيء إلا القليل .

            وخرج عبد الله بن سبيع في الميدان ، فقاتله بنو شاكر قتالا شديدا ، فجاءه عقبة بن طارق الجشمي فقاتل معه ساعة حتى ردهم عنه ، ثم أقبل فنزل عقبة مع شمر ومعه قيس عيلان في جبانة سلول ، ونزل عبد الله بن سبيع مع أهل اليمن في جبانة السبيع .

            ولما سار رسول المختار وصل إلى ابن الأشتر عشية يومه ، فرجع ابن الأشتر بقية عشيته ( تلك ، ثم نزل حين ) أمسى ، [ فتعشى أصحابه ] وأراحوا دوابهم قليلا ، ثم سار ليلته كلها ومن الغد ، فوصل العصر وبات ليلته في المسجد ومعه من أصحابه أهل القوة . ولما اجتمع أهل اليمن بجبانة السبيع حضرت الصلاة ، فكره كل رأس من أهل اليمن أن يتقدمه صاحبه ، فقال لهم عبد الرحمن بن مخنف : هذا أول الاختلاف ، قدموا الرضى فيكم سيد القراء رفاعة بن شداد البجلي . ففعلوا ، فلم يزل يصلي بهم حتى كانت الوقعة .

            ثم إن المختار عبأ أصحابه في السوق ، وليس فيه بنيان ، فأمر ابن الأشتر فسار إلى مضر وعليهم شبث بن ربعي ، ومحمد بن عمير بن عطارد ، وهم بالكناسة ، وخشي أن يرسله إلى أهل اليمن ، فلا يبالغ في قتال قومه . وسار المختار نحو أهل اليمن بجبانة السبيع ، ووقف عند دار عمرو بن سعيد ، وسرح بين يديه أحمر بن شميط البجلي ، وعبد الله بن كامل الشاكري ، وأمر كلا منهما بلزوم طريق ذكره له يخرج إلى جبانة السبيع ، وأسر إليهما أن شباما قد أرسلوا إليه يخبرونه أنهم يأتون القوم من ورائهم ، فمضيا كما أمرهما .

            فبلغ أهل اليمن مسيرهما ، فافترقوا إليهما ، واقتتلوا أشد قتال رآه الناس ، ثم انهزم أصحاب أحمر بن شميط وأصحاب ابن كامل ، ووصلوا إلى المختار ، فقال : ما وراءكم ؟ قالوا : هزمنا ، وقد نزل أحمر بن شميط ومعه ناس من أصحابه . وقال أصحاب ابن كامل : ما ندري ما فعل ابن كامل .

            فأقبل بهم المختار نحو القوم حتى بلغ دار أبي عبد الله الجدلي ، فوقف ، ثم أرسل عبد الله بن قراد الخثعمي في أربعمائة إلى ابن كامل وقال له : إن كان قد هلك فأنت مكانه وقاتل القوم ، وإن كان حيا فاترك عنده ثلاثمائة من أصحابك ، وامض في مائة حتى تأتي جبانة السبيع ، فتأتي أهلها من ناحية حمام قطن .

            فمضى فوجد ابن كامل يقاتلهم في جماعة من أصحابه قد صبروا معه ، فترك عنده ثلاثمائة رجل ، وسار في مائة حتى أتى مسجد عبد القيس ، وقال لأصحابه : إني أحب أن يظهر المختار ، وأكره أن تهلك أشراف عشيرتي اليوم ، ووالله لأن أموت أحب إلي من أن يهلكوا على يدي ، ولكن قفوا ، فقد سمعت أن شباما يأتونهم من ورائهم ، فلعلهم يفعلون ذلك ونعافى نحن منه . فأجابه إلى ذلك ، فبات عند مسجد عبد القيس .

            وبعث المختار مالك بن عمرو النهدي ، وكان شجاعا ، وعبد الله بن شريك النهدي في أربعمائة إلى أحمر بن شميط ، فانتهوا إليه وقد علاه القوم وكثروه ، فاشتد قتالهم عند ذلك .

            وأما ابن الأشتر ، فإنه مضى إلى مضر فلقي شبث بن ربعي ومن معه ، فقال لهم إبراهيم : ويحكم انصرفوا ، فما أحب أن يصاب من مضر على يدي . فأبوا وقاتلوه ، فهزمهم ، وجرح حسان بن فائد العبسي ، فحمل إلى أهله فمات ، فكان مع شبث ، وجاءت البشارة إلى المختار بهزيمة مضر ، فأرسل إلى أحمر بن شميط وابن كامل يبشرهما ، فاشتد أمرهما .

            فاجتمع شبام ، وقد رأسوا عليهم أبا القلوص ، ليأتوا أهل اليمن من ورائهم ، فقال بعضهم لبعض : لو جعلتم جدكم على مضر وربيعة لكان أصوب ، وأبو القلوص ساكت ، فقالوا : ما تقول ؟ فقال : قال الله - تعالى - : قاتلوا الذين يلونكم من الكفار . فساروا معه نحو أهل اليمن ، فلما خرجوا إلى جبانة السبيع لقيهم على فم السكة الأعسر الشاكري ، فقتلوه ونادوا في الجبانة ، وقد دخلوها : يا لثارات الحسين ! فسمعها يزيد بن عمير بن ذي مران الهمداني فقال : يا لثارات عثمان ! فقال لهم رفاعة بن شداد : ما لنا ولعثمان ! لا أقاتل مع قوم يبغون دم عثمان . فقال له ناس من قومه : جئت بنا وأطعناك ، حتى إذا رأينا قومنا تأخذهم السيوف قلت : انصرفوا ودعوهم ! فعطف عليهم وهو يقول ، شعر :

            أنا ابن شداد على دين علي لست لعثمان بن أروى بولي     لأصلين اليوم فيمن يصطلي
            بحر نار الحرب غير مؤتل



            فقاتل حتى قتل .

            وكان رفاعة مع المختار ، فلما رأى كذبه أراد قتله غيلة ، قال : فمنعني قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : من ائتمنه رجل على دمه فقتله ، فأنا منه بريء .

            فلما كان هذا اليوم قاتل مع أهل الكوفة ، فلما سمع يزيد بن عمير يقول : يا لثارات عثمان - عاد عنهم ، فقاتل مع المختار حتى قتل ، وقتل يزيد بن عمير بن ذي مران ، والنعمان بن صهبان الجرمي ، وكان ناسكا ، وقتل الفرات بن زحر بن قيس ، وجرح أبوه زحر ، وقتل عبد الله بن سعيد بن قيس ، وقتل عمر بن مخنف ، وقاتل عبد الرحمن بن مخنف حتى جرح ، وحملته الرجال على أيديهم وما يشعر ، وقاتل حوله رجال من الأزد ، وانهزم أهل اليمن هزيمة قبيحة ، وأخذ من دور الوادعيين خمسمائة أسير ، فأتى بهم المختار مكتفين ، فأمر المختار بإحضارهم وعرضهم عليه ، وقال : انظروا من شهد منهم قتل الحسين فأعلموني . فقتل كل من شهد قتل الحسين ، فقتل منهم مائتين وثمانية وأربعين قتيلا ، وأخذ أصحابه يقتلون كل من كان يؤذيهم .

            فلما سمع المختار بذلك أمر بإطلاق كل من بقي من الأسارى ، وأخذ عليهم المواثيق أن لا يجامعوا عليه عدوا ، ولا يبغوه وأصحابه غائلة ، ونادى منادي المختار : من أغلق بابه فهو آمن ، إلا من شرك في دماء آل محمد - صلى الله عليه وسلم - .

            وكان عمرو بن الحجاج الزبيدي ممن شهد قتل الحسين ، فركب راحلته وأخذ طريق واقصة ، فلم ير له خبر حتى الساعة ، وقيل : أدركه أصحاب المختار وقد سقط من شدة العطش ، فذبحوه وأخذوا رأسه .

            ولما قتل فرات بن زحر بن قيس أرسلت عائشة بنت خليفة بن عبد الله الجعفية ، وكانت امرأة الحسين ، إلى المختار تسأله أن يأذن لها في دفنه ، ففعل ، فدفنته .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية