مقتل خولي بن يزيد الأصبحي الذي احتز رأس الحسين
بعث إليه المختار أبا عمرة صاحب حرسه ، فكبس بيته ، فخرجت إليهم امرأته ، فسألوها عنه ، فقالت : لا أدري أين هو . وأشارت بيدها إلى المكان الذي هو مختف فيه ، وكانت تبغضه من ليلة قدم برأس الحسين معه إليها ، وكانت تلومه على ذلك ، واسمها العيوف بنت مالك بن نهار بن عقرب الحضرمي ، فدخلوا عليه فوجدوه قد وضع على رأسه قوصرة ، فحملوه إلى المختار ، فأمر بقتله قريبا من داره وأن يحرق بعد ذلك .
وبعث المختار إلى حكيم بن فضيل السنبسي - وكان قد سلب العباس بن علي بن أبي طالب يوم قتل الحسين ورمى الحسين بسهم ، وكان يقول : تعلق سهمي بسرباله وما ضره . فأتاه أصحاب المختار فأخذوه ، وذهب أهله فشفعوا بعدي بن حاتم ، فكلمهم عدي فيه ، فقالوا : ذلك إلى المختار . فمضى عدي إلى المختار ليشفع فيه ، وكان المختار قد شفعه في نفر من قومه أصابهم يوم جبانة السبيع ، فقالت الشيعة : إنا نخاف أن يشفعه المختار فيه ، فقتلوه رميا بالسهام كما رمى الحسين حتى صار كأنه القنفذ ، ودخل عدي بن حاتم على المختار ، فأجلسه معه ، فشفع فيه عدي ، فقال المختار : أتستحل أن تطلب في قتلة الحسين ؟ فقال عدي : إنه مكذوب عليه . قال : إذا ندعه لك .
فدخل ابن كامل فأخبر المختار بقتله ، فقال : ما أعجلكم إلى ذلك ؟ ألا أحضرتموه عندي ؟ وكان قد سره قتله . فقال ابن كامل : غلبتني عليه الشيعة . فقال عدي لابن كامل : كذبت ، ولكن ظننت أن من هو خير منك سيشفعني فقتلته . فسبه ابن كامل ، فنهاه المختار عن ذلك .
وبعث المختار إلى قاتل علي بن الحسين ، وهو مرة بن منقذ من عبد القيس ، وكان شجاعا ، فأحاطوا بداره ، فخرج إليهم على فرسه وبيده رمحه ، فطاعنهم ، فضرب على يده وهرب منهم فنجا ، ولحق بمصعب بن الزبير ، وشلت يده بعد ذلك .
وبعث المختار إلى زيد بن رقاد الجنبي ، كان يقول : لقد رميت فتى منهم بسهم وكفه على جبهته يتقي النبل ، فأثبت كفه في جبهته فما استطاع أن يزيل كفه عن جبهته - وكان ذلك الفتى عبد الله بن مسلم بن عقيل - وإنه قال حين رميته : اللهم إنهم استقلونا واستذلونا ، فاقتلهم كما قتلونا . ثم إنه رمى الغلام بسهم آخر وكان يقول : جئته وهو ميت ، فنزعت سهمي الذي قتلته به من جوفه ، فلم أزل أنضنضه من جبهته حتى أخذته وبقي النصل ، فلما أتاه أصحاب المختار خرج إليهم بالسيف ، فقال لهم ابن كامل : لا تطعنوه ولا تضربوه بالسيف ، ارموه بالنبل والحجارة . ففعلوا ذلك به ، فسقط ، فأحرقوه حيا .
وطلب المختار سنان بن أنس الذي كان يدعي قتل الحسين ، فرآه قد هرب إلى البصرة ، فهدم داره .
وطلب عبد الله بن عقبة الغنوي ، فوجده قد هرب إلى الجزيرة ، فهدم داره ، وكان قد قتل منهم غلاما . وطلب آخر من بني أسد يقال له حرملة بن الكاهن ، كان قد قتل رجلا من أهل الحسين ، ففاته .
وطلب أيضا رجلا من خثعم اسمه عبد الله بن عروة الخثعمي ، كان يقول : رميت فيهم باثني عشر سهما . ففاته ولحق بمصعب بن الزبير ، فهدم داره .
وطلب أيضا عمرو بن الصبيح الصدائي ، كان يقول : لقد طعنت فيهم وجرحت ، وما قتلت منهم أحدا . فأتي ليلا فأخذ ، وأحضر عند المختار ، فأمر بإحضار الرماح ، وطعن بها حتى مات .
وأرسل إلى محمد بن الأشعب ، وهو في قرية له إلى جنب القادسية ، فطلبوه فلم يجدوه ، وكان قد هرب إلى مصعب ، فهدم المختار داره ، وبنى بلبنها وطينها دار حجر بن عدي الكندي ، كان زياد قد هدمها .