الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            بيعة المثنى العبدي للمختار بالبصرة قال ابن جرير وفي سنة ست وستين بعث المختار المثنى بن مخربة العبدي إلى البصرة يدعو إليه من استطاع من أهلها ، فدخلها وابتنى بها مسجدا يجتمع إليه فيه قومه فجعل يدعو إلى المختار ثم أتى مدينة الرزق ، فعسكر عندها فبعث إليه الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة القباع - وهو أمير البصرة قبل أن يعزل بمصعب - جيشا مع عباد بن الحصين أمير الشرطة ، وقيس بن الهيثم فقاتلوه وأخذوا منه المدينة ، وانهزم أصحابه ، وكان قد قام بنصرتهم بنو عبد القيس ، فبعث إليهم الجيش ، فبعثوا إليه فأرسل الأحنف بن قيس ، و عمرو بن عبد الرحمن المخزومي ليصلحا بين الناس وساعدهما مالك بن مسمع ، فانحجز الناس بعضهم عن بعض ورجع إلى المختار في نفر يسير من أصحابه مغلولا مغلوبا مسلوبا ، وأخبر المختار بما وقع من الصلح على يدي الأحنف وغيره من أولئك الأمراء ، وطمع المختار فيهم ، وكاتبهم في أن يدخلوا معه فيما هو فيه من الأمر .

            وكان كتابه إلى الأحنف بن قيس : من المختار إلى الأحنف بن قيس ومن قبله ، فسلم أنتم ، أما بعد : فويل أم ربيعة من مضر ، وإن الأحنف يورد قومه سقر ، حيث لا يستطيع لهم الصدر ، وإني لا أملك لكم ما قد خط في القدر ، وقد بلغني أنكم تسموني كذابا ، وقد كذب الأنبياء من قبلي ، ولست بخير منهم .

            وقال ابن جرير بسنده عن الشعبي ، قال : دخلت البصرة فقعدت إلى حلقة فيها الأحنف بن قيس ، فقال بعض القوم : من أنت ؟ فقلت : رجل من أهل الكوفة . فقال : أنتم موال لنا . قلت : وكيف ؟ قال : قد أنقذناكم من أيدي عبيدكم من أصحاب المختار . قلت : تدري ما قال شيخ من همدان فينا وفيكم ؟ فقال الأحنف : وما قال ؟ قلت : قال :


            أفخرتم أن قتلتم أعبدا وهزمتم مرة آل عزل     فإذا فاخرتمونا فاذكروا
            ما فعلنا بكم يوم الجمل     بين شيخ خاضب عثنونه
            وفتى أبيض وضاحا رفل     جاءنا يهدج في سابغة
            فذبحناه ضحى ذبح الحمل     وعفونا فنسيتم عفونا
            وكفرتم نعمة الله الأجل     وقتلتم بحسين منهم
            بدلا من قومكم شر بدل



            قال : فغضب الأحنف ، وقال : يا غلام ، هات الصحيفة ، فأتي بصحيفة فيها : بسم الله الرحمن الرحيم ، من المختار بن أبي عبيد إلى الأحنف بن قيس أما بعد : فويل أم ربيعة من مضر ، فإن الأحنف يورد قومه سقر ، حيث لا يقدرون على الصدر ، وقد بلغني أنكم تكذبوني ، فإن كذبت فقد كذبت رسل من قبلي ، ولست بخير منهم ، ثم قال الأحنف : هذا منا أو منكم .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية