قال ابن جرير : وفي هذه السنة - يعني سنة ثلاث وسبعين - عزل عبد الملك خالد بن عبد الله عن البصرة ، وأضافها إلى أخيه بشر بن مروان مع الكوفة ، فارتحل إليها بشر ، واستخلف على الكوفة عمرو بن حريث .
غزو الروم
وفيها فهزم الروم . غزا محمد بن مروان الصائفة ،
وقيل : إنه كان في هذه السنة ، من ناحية أرمينية ، وهو في أربعة آلاف ، والروم في ستين ألفا ، فهزمهم ، وأكثر القتل فيهم . وقعة عثمان بن الوليد بالروم
من حج بالناس هذه السنة ونواب العمال
وأقام للناس الحج في هذه السنة الحجاج بن يوسف الثقفي أيضا ، وهو على مكة واليمن واليمامة ، وعلى الكوفة والبصرة بشر بن مروان ، في قول الواقدي ، وفي قول غيره : على الكوفة بشر بن مروان ، وعلى البصرة خالد بن عبد الله ، وعلى قضاء الكوفة شريح بن الحارث . وعلى قضاء البصرة هشام بن هبيرة . وعلى إمرة خراسان بكير بن وشاح ، يعني الذي كان نائبا لعبد الله بن خازم ، والله أعلم . مبايعة الناس عبد الملك بن مروان
وفي هذه السنة اجتمع الناس على عبد الملك
فكتب إليه ابن عمر ، وأبو سعيد ، وسلمة بن الأكوع بالبيعة ، وكان عبد الملك يجلس للناس في كل أسبوع يومين .
قصة شكوى لم يكتب صاحبها اسمه فيها
عن أبي ريحانة أحد حجاب عبد الملك بن مروان ، قال: كان عبد الملك يجلس في كل أسبوع يومين جلوسا عاما ، فبينا هو جالس في مستشرف له وقد أدخلت عليه القصص ، إذ وقعت في يده قصة غير مترجمة فيها: إن رأى أمير المؤمنين أن يأمر جاريته تغنيني ثلاثة أصوات ثم ينفذ في ما يشاء من حكمه .
فاستشاط من ذلك غضبا ، وقال: يا رباح ، علي بصاحب هذه القصة ، فخرج الناس جميعا ، وأدخل عليه غلام كما أعذر كأهنأ الصبيان وأحسنهم ، فقال له عبد الملك:
يا غلام هذه قصتك؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين ، قال: وما الذي غرك مني ، والله لأمثلن بك ، ولأردعن بك نظراءك من أهل الجسارة ، علي بالجارية ، فجيء بجارية كأنها فلقة قمر ، وبيدها عود ، فطرح لها كرسي وجلست ، فقال عبد الملك: مرها يا غلام ، فقال:
غني لي يا جارية بشعر قيس بن ذريح:
لقد كنت حسب النفس لو دام أو دنا ولكنما الدنيا متاع غرور وكنا جميعا قبل أن يظهر الهوى
بأنعم حالي غبطة وسرور فما برح الواشون حتى بدت لنا
بطون الهوى مقلوبة بظهور
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بوادي القرى إني إذا لسعيد
إذا قلت ما بي يا بثينة قاتلي من الحب قالت ثابت ويزيد
وإن قلت ردي بعض عقلي أعش به مع الناس قالت ذاك منك بعيد
فلا أنا مردود بما جئت طالبا ولا حبها فيما يبيد يبيد
يموت الهوى مني إذا ما لقيتها ويحيا إذا فارقتها فيعود
وفي الجيرة الغادين من بطن وجرة غزال غضيض المقلتين ربيب
فلا تحسبي أن الغريب الذي نأى ولكن من تنأين عنه غريب
غدا يكثر الباكون منا ومنكم وتزداد داري من دياركم بعدا
مقتل أبي فديك
وأمره أن ينتدب معه من أحب ، فقدم الكوفة فندب أهلها ، فانتدب معه عشرة آلاف ، فأخرج لهم أعطياتهم ، ثم سار بهم ، فجعل أهل الكوفة على الميمنة وعليهم محمد بن موسى بن طلحة ، وجعل أهل البصرة على الميسرة وعليهم ابن أخيه عمر بن موسى بن عبيد الله ، وهو في القلب ، حتى انتهوا إلى البحرين ، فصف عمر أصحابه ، وقدم الرجالة في أيديهم الرماح ، فحمل أبو فديك وأصحابه حملة واحدة فكشفوا ميسرة عمر ، فارتث عمر ، وحمل أهل الكوفة وأهل البصرة ، واستباحوا عسكر العدو ، وقتلوا أبا فديك ، وحصروهم ، فنزلوا على الحكم ، فقتلوا منهم نحوا من ستة آلاف ، وأسروا ثمانمائة ، وانصرفوا إلى البصرة . وفي هذه السنة وجه عبد الملك عمر بن عبيد الله لقتال أبي فديك ،