( وهذا من العجائب ، فإن الرشيد قد رأى ما صنع أبوه وجده المنصور بعيسى بن موسى ، حتى خلع نفسه من ولاية العهد ، وما صنع أخوه الهادي ليخلع نفسه من العهد ، فلو لم يعاجله الموت لخلعه ، ثم هو يبايع للمأمون بعد الأمين ، وحبك الشيء يعمي ويصم ) . ثم وجهه إلى مدينة السلام ، ومعه من أهل بيته : جعفر بن المنصور ، وعبد الملك بن صالح . ومن القواد : علي بن عيسى ، فبويع له بمدينة السلام حين قدمها الحسين بن الصباح الزعفراني . قال : لما قدم الشافعي إلى بغداد وافق عقد الرشيد للأمين والمأمون [على العهد ] .
قال : فبكر الناس ليهنئوا الرشيد ، فجلسوا في دار العامة ينتظرون الإذن ، قال : فجعل الناس يقولون : كيف ندعو لهما ؟ فإنا إذا فعلنا ذلك كان دعاء على الخليفة ، وإن لم ندع لهما كان تقصيرا ؟ قال : فدخل الشافعي رضي الله عنه ، فجلس ، فقيل له في ذلك ، فقال : الله الموفق . فلما أذن دخل الناس ، وكان أول متكلم الشافعي رضي الله عنه فقال :
لا قصرا عنها ولا بلغتهما حتى تطول على يديك طوالها