إسماعيل بن عياش بن سليم العنسي ، أبو عتبة إسماعيل بن عياش بن سليم العنسي ، أبو عتبة .
من أهل حمص ، ولد سنة اثنتين ومائة . وقيل : سنة ست . وسمع من الأكابر من أبي بكر بن أبي مريم ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وسهل بن أبي صالح ، وغيرهم .
وروى عنه : الأعمش وابن المبارك ويزيد بن هارون وقدم بغداد على المنصور فولاه خزانة الكسوة ، وكان يقول : ورثت عن أبي أربعة آلاف دينار فأنفقها في طلب العلم .
قال يحيى بن معين : إسماعيل ثقة ، والعراقيون يكرهون حديثه . وقال البخاري : إذا حدث عن أهل بلده فصحيح ، وإذا حدث عن غير أهل بلده ففيه نظر .
توفي في هذه السنة وبعضهم يقول : في سنة إحدى وثمانين .
عمار بن محمد ، أبو اليقظان الكوفي عمار بن محمد ، أبو اليقظان الكوفي .
ابن أخت سفيان الثوري ، سكن بغداد وحدث عن الأعمش . روى عنه : أحمد بن حنبل ، والحسن بن عرفة . وقد وثقه قوم .
وقال ابن حبان : كان ممن فحش خطؤه وكثر وهمه فاستحق الترك .
توفي في محرم هذه السنة .
محمد بن أبي شيبة بن إبراهيم بن عثمان [العبسي ] الكوفي محمد بن أبي شيبة بن إبراهيم بن عثمان [العبسي ] الكوفي .
والد أبي بكر وعثمان وغيرهما .
قال أبو زكريا [ يحيى بن معين ] كان رجلا جميلا ثقة كيسا ، وكان على قضاء فارس ، ومات بفارس في هذه السنة وهو ابن سبع وسبعين سنة .
محمد بن حميد ، أبو سفيان اليشكري يعرف بالمعمري محمد بن حميد ، أبو سفيان اليشكري يعرف بالمعمري .
[لقي ] معمر بن راشد ، ولرحلته [إليه ] سمي المعمري . وسمع سفيان الثوري وغيره . وكان ثقة صدوقا فاضلا .
توفي في هذه السنة .
مروان بن سليمان [بن يحيى ] بن أبي حفصة ، أبو الهيذام مروان بن سليمان [بن يحيى ] بن أبي حفصة ، أبو الهيذام . وقيل : أبو السمط .
واسم أبي حفصة : يزيد ، وكان من سبي إصطخر ، سبي غلاما فاشتراه عثمان بن عفان ، فوهبه لمروان [بن الحكم ] فأعتقه يوم الدار ، لأنه أبلى يومئذ بلاء حسنا .
وقيل : إن أبا حفصة كان طبيبا يهوديا أسلم على يد عثمان بن عفان . وقيل : على يد مروان بن الحكم .
كان مروان بن سليمان شاعرا مجيدا ، ومدح المهدي والرشيد ومعن بن زائدة .
وقال الكسائي : إنما الشعر سقاء تمخض ، فدفعت الزبدة إلى مروان بن أبي حفصة .
وعن الفضل بن بزيع قال : رأيت مروان بن أبي حفصة قد دخل على المهدي بعد موت معن [بن زائدة ] فمدحه بأبيات ، فقال : من أنت ؟ قال : شاعرك مروان بن أبي حفصة . فقال له : ألست تقول :
أقمنا باليمامة بعد معن مقاما ما نريد به زيالا وقلنا أين نرحل بعد معن
وقد ذهب النوال فلا نوالا
قد جئت تطلب نوالنا ، وقد ذهب النوال فلا شيء لك عندنا ، جروا برجله . فجر برجله حتى أخرج . فلما كان في العام المقبل تلطف حتى دخل مع الشعراء . وإنما كانت الشعراء تدخل على الخلفاء في كل عام مرة ، فمثل بين يديه فأنشده :
طرقتك زائرة فحي خيالها
إلى أن بلغ [منها ]
شهدت من الأنفال آخر آية بتراثهم فأردتم أبطالها
فجعل المهدي يتزاحف عن مصلاه إعجابا بقوله ، ثم قال : كم هي بيتا ؟ قال : مائة بيت . فأمر له بمائة ألف درهم ، فلما أفضت الخلافة إلى الرشيد أنشده فقال : ألست القائل في معن كذا وكذا ؟ وذكر البيتين ، ثم أمر بإخراجه ، فتلطف حتى عاد ودخل بعد يومين ، فأنشده قصيدة ، فأمر له بعدد أبياتها ألوفا .
وعن عبد الله بن إسحاق بن سلام قال : خرج مروان من دار المهدي ومعه ثمانون ألف درهم ، فمر بزمن ، فسأله فأعطاه ثلثي درهم ، فقيل له : هلا أعطيته درهما ؟ فقال : لو أعطيت مائة ألف لأتممت له درهما .
قال : وكان مروان يبخل فلا يسرج له في داره ، فإذا أراد أن ينام أضاءت له الجارية بقصبة إلى أن ينام .
وعن علي بن محمد النوفلي قال : سمعت أبي يقول : كان المهدي يعطي ابن أبي حفصة وسلما الخاسر عطية واحدة ، وكان سلم يأتي باب المهدي على برذون قيمته عشرة آلاف درهم ، ولباسه الخز والوشي والطيب يفوح منه ، ويجيء مروان وعليه فرو وكل وقميص كرابيس ، وكساء غليظ ، وكان لا يأكل اللحم بخلا حتى يقدم إليه ، فإذا قدم [إليه ] أرسل غلامه فاشترى له رأسا فأكله ، فقيل له : نراك لا تأكل إلا الرءوس . فقال : الرأس أعرف شعره فآمن خيانة الغلام ، وليس بلحم يطبخه الغلام فيقدر أن يأكل منه ، وآكل منه ألوانا : آكل عينيه لونا ، وأذنيه لونا ، وغلصمته لونا ، ودماغه لونا ، وأكفى مئونة طبخه ، فقد اجتمعت لي فيه مرافق .
قال المرزباني : بسنده عن أبو العيناء قال : كان مروان بن أبي حفصة من أبخل الناس ، خرج يريد المهدي ، فقالت له امرأة من أهله : ما لي عليك إن رجعت بالجائزة ؟ قال : إن أعطيت مائة ألف درهم أعطيتك درهما ، فأعطي ستين ألفا ، فدفع إليها أربعة دوانيق .
توفي مروان في هذه السنة ودفن ببغداد في مقبرة نصر بن مالك . القاضي أبو يوسف وهي أمه ، وأبوه بحير بن معاوية ، وسعد هذا له صحبة ، استصغر يوم أحد ، وأبو يوسف القاضي هذا كان أكبر أصحاب أبي حنيفة ، رحمه الله ، وروى الحديث عن الأعمش ، وهشام بن عروة ، ومحمد بن إسحاق ، ويحيى بن سعيد ، وغيرهم . وعنه محمد بن الحسن ، وأحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين . والقاضي أبو يوسف وهو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن سعد بن حبتة ،
قال علي بن الجعد : سمعته يقول : توفي أبي وأنا صغير ، فأسلمتني أمي إلى قصار ، فكنت أمر على حلقة أبي حنيفة ، فأجلس فيها ، فكانت أمي تتبعني ، فتأخذ بيدي من الحلقة وتذهب بي إلى القصار ، ثم كنت أخالفها في ذلك وأذهب إلى أبي حنيفة ، فلما طال ذلك قالت أمي لأبي حنيفة : إن هذا صبي يتيم ، ليس له شيء إلا ما أطعمه من مغزلي ، وإنك قد أفسدته علي . فقال لها : اسكتي يا رعناء ، ها هو ذا يتعلم العلم ، وسيأكل الفالوذج بدهن الفستق . فقالت له : إنك شيخ قد خرفت . قال أبو يوسف : فلما وليت القضاء - وكان أول من ولاه القضاء الهادي ، وهو أول من لقب بقاضي القضاة ، وكان يقال له : قاضي قضاة الدنيا . لأنه كان يستنيب في سائر الأقاليم التي يحكم فيها الخليفة - قال أبو يوسف : فبينا أنا ذات يوم عند الرشيد إذ أتي بفالوذج وكنت لا أعرفها ، فقال لي : كل من هذا; فإنه لا يصنع لنا كل وقت . فقلت : وما هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال : هذا الفالوذج . قال : فتبسمت ، فقال : ما لك تتبسم؟ فقلت : لا شيء ، أبقى الله أمير المؤمنين . فقال : لتخبرني : فقصصت عليه القصة من أولها ، فقال : إن العلم ينفع ويرفع في الدنيا والآخرة . ثم قال : رحم الله أبا حنيفة ، فلقد كان ينظر بعين عقله ما لا يراه بعين رأسه .
وكان أبو حنيفة يقول عن أبي يوسف : إنه أعلم أصحابه .
وقال المزني : كان أبو يوسف أتبعهم للحديث .
وقال ابن المديني : كان صدوقا . وقال ابن معين : كان ثقة . وقال أبو زرعة : كان سليما من التجهم .
وقال بشار الخفاف : سمعت أبا يوسف يقول : من قال : القرآن مخلوق . فحرام كلامه ، وفرض مباينته .
ومن كلامه الذي ينبغي كتابته بماء الذهب قوله : من طلب المال بالكيمياء أفلس ، ومن تتبع غرائب الحديث كذب ، ومن طلب العلم بالكلام تزندق .
ولما تناظر هو ومالك بالمدينة بحضرة الرشيد في مسألة الصاع وزكاة الخضراوات احتج مالك بما استدعى به من تلك الصيعان المنقولة عن آبائهم وأسلافهم ، وبأنه لم تكن الخضراوات في زمن الخلفاء الراشدين . فقال : لو رأى صاحبي ما رأيت لرجع كما رجعت . وهذا إنصاف .
وقد كان يحضر في مجلس حكمه العلماء على طبقاتهم ، حتى إن أحمد بن حنبل كان شابا ، وكان يحضر مجلسه في أثناء الناس ، فيتناظرون ويتباحثون فيه ، وهو مع ذلك يحكم ويصنف أيضا .
وقال : وليت هذا الحكم ، وأرجو الله أن لا يسألني عن جور ولا ميل إلى أحد إلا يوما واحدا; جاءني رجل فذكر أن له بستانا ، وأنه في يد أمير المؤمنين ، فدخلت إلى أمير المؤمنين فأعلمته ، فقال : البستان لي ، اشتراه لي المهدي . فقلت : إن رأى أمير المؤمنين أن يحضره لأسمع دعواه . فأحضره فادعى بالبستان ، فقلت : ما تقول يا أمير المؤمنين؟ فقال : هو بستاني . فقلت للرجل : قد سمعت ما أجاب . فقال الرجل : يحلف . فقلت : أتحلف يا أمير المؤمنين؟ فقال : لا . فقلت : سأعرض عليك اليمين ثلاثا ، فإن حلفت وإلا حكمت عليك . فعرضتها عليه ثلاثا فامتنع ، فحكمت بالبستان للمدعي . قال : فكنت في أثناء الخصومة أود أن ننفصل ، ولم يمكني أن أجلس الرجل مع الخليفة . وبعث القاضي أبو يوسف في تسليم البستان إلى الرجل .
وروى المعافى بن زكريا الجريري ، بسنده عن بشر بن الوليد ، عن أبي يوسف قال : بينا أنا ذات ليلة قد نمت في الفراش ، إذا رسول الخليفة يطرق الباب ، فخرجت منزعجا فقال : أمير المؤمنين يدعوك . فذهبت فإذا هو جالس ومعه عيسى بن جعفر ، فقال لي الرشيد : إن هذا قد طلبت منه جارية يهبنيها ، فلم يفعل ، أو يبيعنيها فلم يفعل ، وإني أشهدك إن لم يجبني إلى ذلك قتلته . فقلت لعيسى : لم لم تفعل؟ فقال : إني حالف بالطلاق والعتاق وصدقة مالي كله أن لا أبيعها ولا أهبها . فقال لي الرشيد : فهل له من مخلص؟ فقلت : نعم ، يبيعك نصفها ، ويهبك نصفها . فوهبه النصف ، وباعه النصف بمائة ألف دينار ، فقبل منه ذلك ، وأحضرت الجارية ، فلما رآها الرشيد قال : هل لي من سبيل عليها الليلة؟ قلت : إنها مملوكة ، ولا بد من استبرائها ، إلا أن تعتقها وتتزوجها ، فإن الحرة لا تستبرأ . قال : فأعتقها وزوجتها منه بعشرين ألف دينار ، وأمر لي بمائتي ألف درهم وعشرين تختا من ثياب ، وأرسلت إلي الجارية بعشرة آلاف دينار .
قال يحيى بن معين : كنت عند أبي يوسف ، فجاءته هدية من ثياب دبيقي وطيب وتماثيل ند وغير ذلك ، فذاكرني رجل في إسناد حديث : . فقال أبو يوسف : إنما ذاك في الأقط والتمر والزبيب ، ولم تكن الهدايا ما ترون ، يا غلام ، شل إلى الخزائن . " من أهديت له هدية وعنده قوم جلوس فهم شركاؤه "
وقال بشر بن غياث المريسي : سمعت أبا يوسف يقول : صحبت أبا حنيفة سبع عشرة سنة ، ثم انصبت علي الدنيا سبع عشرة سنة ، وما أظن أجلي إلا قد اقترب . فما كان شهور حتى مات .
وقد مات أبو يوسف في ربيع الأول من هذه السنة عن تسع وستين سنة ، وقد مكث في القضاء ست عشرة سنة ، وولي القضاء من بعده ولده يوسف . وقد كان نائبه على الجانب الغربي من بغداد . ومن زعم من الرواة أن الشافعي اجتمع بأبي يوسف كما يقوله عبد الله بن محمد البلوي الكذاب في الرحلة التي ساقها الشافعي ، فقد أخطأ في ذلك ، فإن الشافعي إنما ورد بغداد في أول قدمة قدمها إليها في سنة أربع وثمانين . وإنما اجتمع بمحمد بن الحسن الشيباني ، فأحسن إليه وأقبل عليه ، ولم يكن بينهما شنآن ، كما قد يذكره بعض من لا خبرة له بهذا الشأن . والله أعلم .
يعقوب بن داود بن طهمان أبو عبد الله ، مولى عبد الله بن خازم السلمي وفيها توفي استوزره المهدي ، وسلم إليه أزمة الأمور ، وحظي عنده جدا ، ثم لما أمره بقتل ذلك العلوي فأرسله ، ونمت عليه الجارية ، وتحقق أنه لم يفعل ، سجنه في بئر ، وبنيت عليه قبة ، ونبت عليه شعر كما ينبت شعر الأنعام ، وعمي ، ويقال : عشي بصره ، ومكث نحوا من خمس عشر سنة في ذلك المكان لا يرى شيئا ، ولا يسمع صوتا إلا حين الصلوات يعلم به ، ويدلى إليه في كل يوم رغيف وكوز ماء ، حتى انقضت أيام المهدي وأيام الهادي وصدر من خلافة الرشيد ، قال يعقوب : فأتاني آت في منامي فقال : يعقوب بن داود بن طهمان أبو عبد الله ، مولى عبد الله بن خازم السلمي ،
عسى الكرب الذي أمسيت فيه يكون وراءه فرج قريب
فيأمن خائف ويفك عان ويأتي أهله النائي الغريب
يزيد بن زريع أبو معاوية العيشي كان ثقة عالما عابدا ورعا ، توفي أبوه وكان والي البصرة ، وترك من المال خمسمائة ألف درهم ، فلم يأخذ منها يزيد درهما واحدا ، وكان يعمل الخوص ، ويأكل منه . وتوفي بالبصرة في هذه السنة ، وقيل قبل ذلك . فالله أعلم . وفي هذه السنة مات محمد بن جعفر الطيالسي المحدث . ويزيد بن زريع أبو معاوية العيشي ،
وعبد العزيز بن محمد بن أبي عبيد الدراوردي ، مولى جهينة ، وكان أبوه من دارابجرد ، فاستثقلوا نسبته إليها فقالوا دراوردي .
وفيها توفي دراج أبو السمح ، ( واسمه عبد الله بن السمح ، وقيل : عبد الرحمن بن السمح بن ) أسامة التجيبي ، المصري ، وكان مولده سنة خمس وعشرين ومائة .
وعفيف بن سالم الموصلي .