ذكر حال عمران بن شاهين
في هذه السنة استفحل أمر عمران بن شاهين ، وقوي شأنه ، وكان ابتداء حاله أنه من أهل الجامدة ، فجبى جبايات ، فهرب إلى البطيحة خوفا من السلطان ، وأقام بين القصب والآجام ، واقتصر على ما يصيده من السمك وطيور الماء قوتا ، ثم صار يقطع الطريق على من يسلك البطيحة ، واجتمع إليه جماعة من الصيادين ، وجماعة من اللصوص ، فقوي بهم ، وحمى جانبه من السلطان ، فلما خاف أن يقصد ، استأمن ( إلى أبي القاسم ) البريدي ، فقلده حماية الجامدة ونواحي البطائح ، وما زال يجمع الرجال إلى أكثر أصحابه ، وقوي واستعد بالسلاح ، واتخذ معاقل على التلول التي بالبطيحة ، وغلب على تلك النواحي .
فلما اشتد أمره ، سير معز الدولة إلى محاربته وزيره أبا جعفر الصيمري ، فسار إليه في الجيوش ، وحاربه مرة بعد مرة ، واستأسر أهله وعياله ، وهرب عمران بن شاهين واستتر ، وأشرف على الهلاك .
فاتفق أن عماد الدولة بن بويه مات ، واضطرب جيشه بفارس ، فكتب معز الدولة إلى الصيمري بالمبادرة إلى شيراز لإصلاح الأمور بها ، فترك عمران وسار إلى شيراز ، على ما نذكره في موت عماد الدولة ، فلما سار الصيمري عن البطائح ، ظهر عمران بن شاهين من استتاره ، وعاد إلى أمره ، وجمع من تفرق عنه من أصحابه ، وقوي أمره ، وسنذكر من أخباره فيما بعد ما تدعو الحاجة إليه .