ذكر عدة حوادث
في هذه السنة ثامن صفر ، وهو مملوك الملك تتش بن ألب أرسلان ، وكان عاقلا خيرا ، كثير الغزوات والجهاد للفرنج ، حسن السيرة في رعيته ، مؤثرا للعدل فيهم ، وكان لقبه ظهير الدين ، ولما توفي ملك بعده ابنه تاج الملوك بوري وهو أكبر أولاده ، بوصية من والده له بالملك ، وأقر وزير أبيه أبو علي طاهر بن سعد المزدقاني على وزارته . وفيها هبت ريح شديدة اسودت لها الآفاق ، وجاءت بتراب أحمر يشبه الرمل ، وظهر في السماء أعمدة كأنها نار ، فخاف الناس وعدلوا إلى الدعاء والاستغفار ، فانكشف عنهم ما يخافونه . ومن الحوادث فيها: توفي أتابك طغتكين صاحب دمشق
أنه ومعه رسول من عند سنجر وسأل أمير المؤمنين أن يؤذن له فيخطب على المنبر يوم الجمعة في جوامع بغداد فأذن له وخلع عليه ، وخطب على المنابر كل جمعة في جامع . قال شيخنا ابن الزاغوني: وتقدم إلى نقيب النقباء ليخرج إلى سنجر فرفع إلى الخزانة ثلاثين ألف دينار ليعفي . وتقدم إلى شيخ الشيوخ فرفع خمسة عشر ألف دينار ليعفي . وفي ربيع الأول: وصل علي بن طراد من عند سنجر وفي جمادى الآخرة: رتب المنبجي في مدرسة خاتون المستظهرية رتبه موفق الخادم ، وخرج بهروز لعمارة بثق النهروان ورتب الآلات . وفي هذا الشهر: رتب أبو طاهر ابن الكرخي في قضاء واسط . فانزعج أهل بغداد ، وكوتب محمود فقيل له: إنك إن لم تمنعه من المجيء وإلا احتجنا أن نخرج إليه وينتقض العهد الذي بيننا وبينك ، [فذكر أنه سيصل إلى بغداد] ، وتطاولت للوزارة جماعة منهم عز الدولة بن المطلب ، وابن الأنباري ، وناصح الدولة ابن المسلمة ، وأحمد بن النظام ، فمنعوا من الخطاب في ذلك وأجلس للنيابة في الديوان نقيب النقباء . وفي رمضان: ظهر الخبر بتوجه دبيس إلى بغداد في عسكر عظيم ، وفي شوال: وصل الخبر بأن خلع على عز الدولة دراعة وعمامة بغير ذؤابة ، وفرسا ومركبا ، وجلس للهناء . وكان هو قد سأل ذلك ، وأخذ منه الدواة التي أعطاه والبغلة وصادر أهل همذان فأخذ منهم سبعين ألف دينار . وفيها عمل ببغداد مصلى للعيد ظاهر باب الحلبة ، وحوط عليه ، وجعل فيه قبلة . وحج بالناس في هذه السنة نظر الخادم . السلطان محمودا عزل أنوشروان من الوزارة ،