الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر عدة حوادث

            في هذه السنة ثامن صفر توفي أتابك طغتكين صاحب دمشق ، وهو مملوك الملك تتش بن ألب أرسلان ، وكان عاقلا خيرا ، كثير الغزوات والجهاد للفرنج ، حسن السيرة في رعيته ، مؤثرا للعدل فيهم ، وكان لقبه ظهير الدين ، ولما توفي ملك بعده ابنه تاج الملوك بوري وهو أكبر أولاده ، بوصية من والده له بالملك ، وأقر وزير أبيه أبو علي طاهر بن سعد المزدقاني على وزارته . وفيها هبت ريح شديدة اسودت لها الآفاق ، وجاءت بتراب أحمر يشبه الرمل ، وظهر في السماء أعمدة كأنها نار ، فخاف الناس وعدلوا إلى الدعاء والاستغفار ، فانكشف عنهم ما يخافونه . ومن الحوادث فيها:

            أنه وصل علي بن طراد من عند سنجر ومعه رسول من عند سنجر وسأل أمير المؤمنين أن يؤذن له فيخطب على المنبر يوم الجمعة في جوامع بغداد فأذن له وخلع عليه ، وخطب على المنابر كل جمعة في جامع . قال شيخنا ابن الزاغوني: وتقدم إلى نقيب النقباء ليخرج إلى سنجر فرفع إلى الخزانة ثلاثين ألف دينار ليعفي . وتقدم إلى شيخ الشيوخ فرفع خمسة عشر ألف دينار ليعفي . وفي ربيع الأول: رتب أبو طاهر ابن الكرخي في قضاء واسط . وفي جمادى الآخرة: رتب المنبجي في مدرسة خاتون المستظهرية رتبه موفق الخادم ، وخرج بهروز لعمارة بثق النهروان ورتب الآلات . وفي هذا الشهر: ظهر الخبر بتوجه دبيس إلى بغداد في عسكر عظيم ، فانزعج أهل بغداد ، وكوتب محمود فقيل له: إنك إن لم تمنعه من المجيء وإلا احتجنا أن نخرج إليه وينتقض العهد الذي بيننا وبينك ، [فذكر أنه سيصل إلى بغداد] ، وتطاولت للوزارة جماعة منهم عز الدولة بن المطلب ، وابن الأنباري ، وناصح الدولة ابن المسلمة ، وأحمد بن النظام ، فمنعوا من الخطاب في ذلك وأجلس للنيابة في الديوان نقيب النقباء . وفي رمضان: خلع على عز الدولة دراعة وعمامة بغير ذؤابة ، وفرسا ومركبا ، وجلس للهناء . وفي شوال: وصل الخبر بأن السلطان محمودا عزل أنوشروان من الوزارة ، وكان هو قد سأل ذلك ، وأخذ منه الدواة التي أعطاه والبغلة وصادر أهل همذان فأخذ منهم سبعين ألف دينار . وفيها عمل ببغداد مصلى للعيد ظاهر باب الحلبة ، وحوط عليه ، وجعل فيه قبلة . وحج بالناس في هذه السنة نظر الخادم .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية