الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر ملك عماد الدين زنكي مدينة حماة

            في هذه السنة ملك عماد الدين زنكي بن آقسنقر صاحب الموصل مدينة حماة .

            وسبب ذلك أنه عبر الفرات إلى الشام ، وأظهر أنه يريد جهاد الفرنج ، وأرسل إلى تاج الملوك بوري بن طغتكين صاحب دمشق يستنجده ، ويطلب منه المعونة على جهادهم ، فأجاب إلى المراد ، وأرسل من أخذ له العهود والمواثيق ، فلما وصلت التوثقة جرد عسكرا من دمشق مع جماعة من الأمراء ، وأرسل إلى ابنه سونج وهو بمدينة حماة ، يأمره بالنزول إلى العسكر والمسير معهم إلى زنكي ، فساروا جميعهم فوصلوا إليه ، فأكرمهم ، وأحسن لقاءهم ، وتركهم أياما .

            ثم إنه غدر بهم ، فقبض على سونج ولد تاج الملوك وعلى جماعة الأمراء المقدمين ، ونهب خيامهم وما فيها من الكراع ، واعتقلهم بحلب ، وهرب من سواهم ، وسار من يومه إلى حماة ، فوصل إليها وهي خالية من الجند الحماة الذابين ، فملكها واستولى عليها ، ورحل عنها إلى حمص ، وكان صاحبها قرجان بن قراجة معه في عسكره ، وهو الذي أشار عليه بالغدر بولد تاج الملوك ، فقبض عليه ، ونزل على حمص وحصرها ، وطلب من قرجان صاحبها أن يأمر نوابه وولده الذين فيها بتسليمها ، فأرسل إليهم بالتسليم ، فلم يقبلوا منه ولا التفتوا إلى قوله ، فأقام عليها محاصرا لها ، ومقاتلا لمن فيها مدة طويلة ، فلم يقدر على ملكها ، فرحل عنها عائدا إلى الموصل ، واستصحب معه سونج بن تاج الملوك ومن معه من الأمراء الدمشقيين .

            وترددت الرسل في إطلاقهم بينه وبين تاج الملوك ، واستقر الأمر على خمسين ألف دينار ، فأجاب تاج الملوك إلى ذلك ، ولم ينتظم بينهم أمر .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية