الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            غزو الكرك وملك العادل حلب

            لما عاد صلاح الدين والمسلمون من غزوة بيسان تجهزوا لغزو الكرك ، فسار إليه في العساكر ، وكتب إلى أخيه العادل أبي بكر بن أيوب ، وهو نائبه بمصر ، يأمره بالخروج بجميع العساكر إلى الكرك . وكان العادل قد أرسل إلى صلاح الدين يطلب منه مدينة حلب وقلعتها ، فأجابه إلى ذلك ، وأمره أن يخرج معه بأهله وماله ، فوصل صلاح الدين إلى الكرك في رجب ، ووافاه أخوه العادل في العسكر المصري ، وكثر جمعه ، وتمكن من حصره ، و [ صعد ] المسلمون إلى ربضه وملكه ، وحصر الحصن من الربض ، وتحكم عليه في القتال ، ونصب عليه سبعة مجانيق لا تزال ترمي بالحجارة ليلا ونهارا .

            وكان صلاح الدين يظن أن الفرنج لا يمكنونه من حصر الكرك ، وأنهم يبذلون جهدهم في رده عنهم ، فلم يستصحب معه من آلات الحصار ما يكفي لمثل ذلك الحصن العظيم والمعقل المنيع ، فرحل عنه منتصف شعبان ، وسير تقي الدين ابن أخيه إلى مصر نائبا عنه ليتولى ما كان أخوه العادل يتولاه ، وفي صحبته القاضي الفاضل ، وبعث أخاه على مملكة حلب وأعمالها ، واستقدم ولده الظاهر إليه ، وكذلك نوابه ومن يعز عليه ، وإنما أعطى السلطان أخاه العادل حلب ليكون قريبا منه ، فإنه كان لا يقطع أمرا دون مشورته ، واقترض الناصر من أخيه أبي بكر العادل مائة ألف دينار ، وتألم الظاهر بن الناصر على مفارقة حلب وكانت إقامته الأولى بها ستة أشهر ، ولكنه لا يظهر ما في نفسه لوالده ، لكن يظهر ذلك على صفحات وجهه وفلتات لسانه .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية