وعن أبي صالح ما قدر من العذاب وعن مثله وبعضهم فسر الكتاب بالمكتوب فيه وهو اللوح المحفوظ ومن لابتداء الغاية وجوز فيها التبيين والتبعيض والجار والمجرور متعلق بمحذوف وقع حالا من ( نصيبهم ) أي كائنا من الكتاب الحسن حتى إذا جاءتهم رسلنا أي ملك الموت وأعوانه يتوفونهم أي حال كونهم متوفين لأرواحهم وحتى غاية نيلهم وهي حرف ابتداء غير جارة بل داخلة على الجمل كما في قوله :
وحتى الجياد ما يقدن بأرسان
وقيل : إنها جارة وقيل : لا دلالة لها على الغاية وليس بشيء وعن أن المراد حتى إذا جاءتهم الملائكة يحشرونهم إلى النار يوم القيامة وهو خلاف الظاهر وكان الذي دعاه إلى ذلك قوله تعالى : الحسن قالوا أي الرسل لهم أين ما كنتم تدعون من دون الله أي أين الآلهة التي كنتم تعبدونها في الدنيا وتستعينون بها في المهمات قالوا ضلوا أي غابوا عنا لا ندري أين مكانهم فإن هذا السؤال والجواب وكذا ما يترتب عليهما مما سيأتي إنما يكون يوم القيامة لا محالة ولعله على الظاهر أريد بوقت مجيء الرسل وحال التوفي الزمان الممتد من ابتداء المجيء والتوفي إلى نهاية يوم الجزاء بناء على تحقق المجيء والتوفي في ذلك الزمان بقاء وإن كان حدوثهما في أوله فقط أو قصد بيان غاية سرعة وقوع البعث والجزاء كأنهما حاصلان عند ابتداء التوفي وما وصلت بأين في المصحف العثماني وحقها الفصل لأنها موصولة ولو كانت صلة لاتصلت .
وشهدوا على أنفسهم أي اعترفوا على أنفسهم وليس في النظم ما يدل على أن اعترافهم كان بلفظ الشهادة فالشهادة مجاز عن الاعتراف أنهم كانوا في الدنيا كافرين (37) عابدين لما لا يستحق العبادة أصلا حيث اتضح لهم حاله والجملة يحتمل أن تكون استئناف إخبار من الله تعالى باعترافهم على أنفسهم بالكفر ويحتمل أن تكون عطفا على قالوا وعطفها على المقول لا يخفى ما فيه والاستفهام على ما ذهب إليه غير واحد غير حقيقي بل للتوبيخ والتقريع وعليه فلا جواب وما ذكر إنما هو للتحسر والاعتراف بما هم عليه من الخيبة والخسران [ ص: 116 ] ولا تعارض بين ما في هذه الآية وقوله تعالى : والله ربنا ما كنا مشركين لأن الطوائف مختلفة أو المواقف عديدة أو الأحوال شتى