وجاء السحرة فرعون بعد ما أرسل إليهم الحاشرين، وإنما لم يصرح به للإيذان بمسارعة فرعون بالإرسال ومبادرة الحاشرين والسحرة إلى الامتثال.
واختلف في عدتهم. فعن كعب أنهم اثنا عشر ألفا، وعن خمسة عشر ألفا، وعن ابن إسحاق أبي ثمامة سبعة عشر ألفا، وفي رواية تسعة عشر ألفا، وعن بضعة وثلاثون ألفا، وعن السدي أبي بزة أنهم سبعون ألفا، وعن ثمانون ألفا. وأخرج محمد بن كعب عن أبو الشيخ قال: السحرة ثلاثمائة من قومه وثلاثمائة من ابن جرير العريش، ويشكون في ثلاثمائة من الإسكندرية.
وعن رضي الله تعالى عنهما أنهم كانوا سبعين ساحرا، وقد أخذوا السحر من رجلين مجوسيين من أهل ابن عباس نينوى مدينة يونس عليه السلام، وروي نحو ذلك عن والظاهر عدم صحته؛ لأن المجوسية [ ص: 24 ] ظهرت زمن الكلبي، زرادشت على المشهور، وهو إنما جاء بعد موسى عليه السلام، واسم رئيسهم كما قال مقاتل: شمعون، وقال هو ابن جريج: يوحنا، وقال نقلا عن علماء السير: إن رؤساءهم ابن الجوزي سابور وعازور وحطحط ومصفى. قالوا استئناف بياني؛ ولذا لم يعطف كأنه قيل: فماذا قالوا له عند مجيئهم إياه؟ فقيل: قالوا إلخ، وهذا أولى مما قيل إنه حال من فاعل جاءوا أي: جاءوا قائلين: إن لنا لأجرا أي: عوضا وجزاء عظيما.
إن كنا نحن الغالبين والمقصود من الإخبار إيجاب الأجر واشتراطه كأنهم قالوا: بشرط أن تجعل لنا أجرا إن غلبنا، ويحتمل أن يكون الكلام على حذف أداة الاستفهام وهو مطرد، ويؤيد ذلك أنه قرأ وغيره: (أئن) بإثبات الهمزة وتوافق القراءتين أولى من تخالفهما، ومن هنا رجح ابن عامر هذا الاحتمال، وذكر الشرط لمجرد تعيين مناط ثبوت الأجر لا لترددهم في الغلبة، وقيل: له، وتوسيط الضمير وتحلية الخبر باللام للقصر، أي كنا نحن الغالبين لا الواحدي موسى عليه السلام.