عند الله أي في حكمه، وقيل : المراد بالعندية، المرتبة والشرف، وحملها على عندية المكان كما قيل به احتمالا، بعيد، خالصة من دون الناس أي مخصوصة بكم كما تزعمون، والخالص الذي لا يشوبه شيء، أو ما زال عنه شوبه، ونصب (خالصة) على الحال من الدار الذي هو اسم كان، (ولكم) خبرها قدم للاهتمام، أو لإفادة الحصر، وما بعده للتأكيد، وهذا إن جوز مجيء الحال من اسم كان، وهو الأصح، ومن لم يجوز بناء على أنه ليس بفاعل جعلها حالا من الضمير المستكن في الخبر، وقيل : (خالصة) هو الخبر، (ولكم) ظرف لغو (لكان)، أو (لخالصة)، ولا يخفى بعده ، فإنه تقييد للحكم قبل مجيئه، ولا وجه لتقديم متعلق الخبر على الاسم مع لزوم توسط الظرف بين الاسم والخبر، وأبعد المهدوي أيضا فجعلا (خالصة) حالا، (وعند الله) هو الخبر، مع أن الكلام لا يستقل به وحده، (ودون) هنا للاختصاص، وقطع الشركة يقال : هذا لي دونك، وأنت تريد لا حق لك فيه معي ولا نصيب، وهو متعلق بـ(خالصة)، والمراد (بالناس) الجنس وهو الظاهر، وقيل : المراد بهم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم والمسلمون، وقيل : النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وحده، قاله وابن عطية رضي الله تعالى عنهما، قالوا : ويطلق (الناس) ويراد به الرجل الواحد، ولعله لا يكون إلا مجازا بتنزيل الواحد منزلة الجماعة، ابن عباس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين في أن الجنة خالصة لكم، فإن من أيقن أنه من أهل الجنة اختار أن ينتقل إلى دار القرار، وأحب أن يخلص من المقام في دار الأكدار، كما روي عن كرم الله تعالى وجهه أنه كان يطوف بين الصفين في غلالة، فقال له علي : [ ص: 328 ] ما هذا؟ بزي المحاربين، فقال : يا بني، لا يبالي أبوك سقط على الموت، أم سقط عليه الموت، وكان الحسن عبد الله ابن رواحة ينشد وهو يقاتل الروم :
يا حبذا الجنة واقترابها طيبة وبارد شرابها والروم روم قد دنا عذابها
غدا نلقى الأحبه محمدا وصحبه