ولنسكننكم الأرض أي أرضهم وديارهم فاللام للعهد وعند بعض عوض عن المضاف إليه من بعدهم أي من بعد إهلاكهم وأقسم سبحانه وتعالى في مقابلة قسمهم والظاهر أن ما أقسم عليه جل وعلا عقوبة لهم على قولهم : لنخرجنكم من أرضنا وفي ذلك دلالة على مزيد شناعة ما أتوا به حيث أنهم لما أرادوا إخراج المخاطبين من ديارهم جعل عقوبته إخراجهم من دار الدنيا وتوريث أولئك أرضهم وديارهم وفي الحديث من آذى جاره أورثه الله تعالى داره وقرأ أبو حيوة ( ليهلكن الظالمين وليسكننكم الأرض ) بياء الغيبة اعتبارا لأوحى كقولك : أقسم زيد ليخرجن ذلك إشارة إلى الموحى به وهو إهلاك الظالمين وإسكان المخاطبين ديارهم وبذلك الاعتبار وحد اسم الإشارة مع أن المشار إليه اثنان فلا حاجة إلى جعله من قبيل عوان بين ذلك وإن صح أي ذلك الأمر محقق ثابت .
لمن خاف مقامي أي موقفي الذي يقف به العباد بين يدي للحساب يوم القيامة وإلى هذا ذهب فالمقام اسم مكان وإضافته إلى ضميره تعالى لكونه بين يديه سبحانه وقال الزجاج : هو مصدر ميمي أضيف إلى الفاعل أي خاف قيامي عليه بالحفظ لأعماله ومراقبتي إياه وقيل : المراد إقامتي على العدل والصواب وعدم الميل عن ذلك . الفراء
وقيل : لفظ مقام مقحم لأن الخوف من الله تعالى أي لمن خافني وخاف وعيد . (14) . أي وعيدي بالعذاب فياء المتكلم محذوفة للاكتفاء بالكسرة عنها في غير الوقف والوعيد على ظاهره ومتعلقه محذوف وجوز أن يكون مصدرا من الوعد على وزن فعيل وهو بمعنى اسم المفعول أي عذابي الموعود للكفار : وفيه استعارة الوعد للإيعاد والمراد بمن خاف على ما أشير إليه في الكشاف المتقون ووقوع ذلك إلى آخره بعد ولنسكننكم الأرض من بعدهم موقع ( والعاقبة للمتقين ) في قصة موسى عليه السلام حيث قال لقومه : استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين .