nindex.php?page=treesubj&link=32238_34237_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=88قل لئن اجتمعت الإنس والجن أي اتفقوا
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=88على أن يأتوا بمثل هذا القرآن المنعوت بما لا تدركه العقول من النعوت الجليلة الشأن من البلاغة وحسن النظم وكمال المعنى، وتخصيص الثقلين بالذكر لأن المنكر لكونه من عند الله تعالى منهما لا من غيرهما، والتحدي إنما كان معهما، وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم مبعوثا إلى الملك كما هو مبعوث إليهما لا لأن غيرهما قادر على المعارضة؛ فإن الملائكة عليهم السلام على فرض تصديهم لها وحاشاهم إذ هم معصومون لا يفعلون إلا ما يؤمرون عاجزون كغيرهم
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=88لا يأتون بمثله أي: هذا القرآن وأوثر الإظهار على إيراد الضمير الراجع إلى المثل المذكور احترازا عن أن يتوهم أن له مثلا معينا وإيذانا بأن المراد نفي الإتيان بمثل ما؛ أي: لا يأتون بكلام مماثل له فيما ذكر من الصفات الجليلة الشأن وفيهم
العرب العرباء أرباب البراعة والبيان، وقيل: المراد تعجيز الإنس وذكر الجن مبالغة في تعجيزهم؛ لأنهم إذا عجزوا عن الإتيان بمثله ومعهم الجن القادرون على الأفعال المستغربة فهم عن الإتيان بمثله وحدهم أعجز وليس بذاك، وقيل: يجوز أن يراد من الجن ما يشمل الملائكة عليهم السلام وقد جاء إطلاق الجن على الملائكة كما في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=158وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا نعم الأكثر استعماله في غير الملائكة عليهم السلام ولا يخفى أنه خلاف الظاهر، وزعم بعضهم أن الملائكة عليهم السلام حيث كانوا وسائط في إتيانه لا ينبغي إدراجهم إذ لا يلائمه حينئذ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=88لا يأتون بمثله وفيه أنه ليس المراد نفي الإتيان بمثله من عند الله تعالى في شيء ممن أسند إليهم الفعل، وجملة: «لا يأتون» جواب القسم الذي ينبئ عنه اللام الموطئة، وساد مسد جزاء الشرط ولولاها لكان
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=88لا يأتون جزاء الشرط، وإن كان مرفوعا بناء على القول بأن فعل الشرط إذا كان ماضيا يجوز الرفع في الجواب كما في قول
زهير: وإن أتاه خليل يوم مسغبة يقول لا غائب مالي ولا حرم
لأن أداة الشرط إذا لم تؤثر في الشرط ظاهرا مع قربه جاز أن لا تؤثر في الجواب مع بعده، وهذا القول خلاف مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ومذهب الكوفيين
nindex.php?page=showalam&ids=15153والمبرد كما فصل في موضعه، ولا يجوز عند البصريين مع وجود هذه اللام جعل المذكور جواب الشرط خلافا للفراء، وأما قول
الأعشى: لئن منيت بنا عن غب معركة لا تلفنا عن دماء الخلق ننتفل
فاللام ليست الموطئة بل هي زائدة على ما قيل فافهم، وحيث كان المراد بالاجتماع على الإتيان بمثل القرآن مطلق الاتفاق على ذلك سواء كان التصدي للمعارضة من كل واحد منهم على الانفراد أو من المجموع بأن يتألبوا على تلفيق كلام واحد بتلاحق الأفكار وتعاضد الأنظار قال سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=88ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا أي: معينا في تحقيق ما يتوخونه من الإتيان بمثله، والجملة عطف على مقدر؛ أي: لا يأتون بمثله لو لم يكن بعضهم
[ ص: 167 ] لبعض ظهيرا، ولو كان... إلخ. وهي في موضع الحال كالجملة المحذوفة، والمعنى: لا يأتون بمثله على كل حال مفروض ولو في مثل هذه الحال المنافية لعدم الإتيان به فضلا عن غيرها وفيه رد لليهود أو
قريش في زعمهم الإتيان بمثله.
فقد روي
أن طائفة من الأولين قالوا: أخبرنا يا محمد بهذا الحق الذي جئت به أحق من عند الله تعالى فإنا لا نراه متناسقا كتناسق التوراة فقال صلى الله عليه وسلم لهم: «أما والله إنكم لتعرفونه أنه من عند الله تعالى. قالوا: إنا نجيئك بمثل ما تأتي به، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وفي رواية:
أن جماعة من قريش قالوا له صلى الله عليه وسلم: جئنا بآية غريبة غير هذا القرآن فإنا نحن نقدر على المجيء بمثله فنزلت.
ولعل مرادهم بهذه الآية الغريبة ما تضمنه الآيات بعد وهي قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=90وقالوا لن نؤمن لك إلخ وحينئذ قيل: يمكن أن تكون هذه الآية مع الآيات الأخر رد لجميع ما عنوه بهذا الكلام إلا أنه ابتدأ برد قولهم: نحن نقدر إلخ اهتماما به فإن قولهم ذلك منشأ طلبهم الآية الغريبة.
وفي إرشاد العقل السليم أن في هذه الآية حسم أطماعهم الفارغة في روم تبديل بعض آياته ببعض ولا مساغ لكونها تقريرا لما قبلها من قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=86ثم لا تجد لك به علينا وكيلا كما قيل لكن لا لما قيل من أن الإتيان بمثله أصعب من استرداد عينه ونفي الشيء إنما يقرره نفي ما دونه دون نفي ما فوقه لأن أصعبية الاسترداد بغير أمره تعالى من الإتيان المذكور مما لا شبهة فيه، بل لأن الجملة القسمية ليست مسوقة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بل إلى المكابرين من قبله عليه الصلاة والسلام انتهى، ومنه يعلم ما في قول بعضهم في وجه التقرير: أن عدم قدرة الثقلين على رده بعد إذهابه مساو لعدم قدرتهم على مثله لأن رده بعينه غير ممكن لعدم وصولهم إلى الله تعالى شأنه فلم يبق إلا رده بمثله فصرح بنفيه تقريرا له من النظر وعدم الجدوى، هذا واستدل صاحب الكشاف بإعجاز القرآن على حدوثه؛ إذ لو كان قديما لم يكن مقدورا فلا يكون معجزا كالمحال، وتعقبه في الكشف بأنه لا نزاع في حدوث النظم وإن تحاشى أهل السنة من إطلاق المخلوق عليه للإيهام وهو المعجز إنما النزاع في المعبر بهذه العبارة المعجزة وهو المسمى بالكلام النفسي فهو استدلال لا ينفعه، وذكر نحوه
ابن المنير.
وقال صاحب التقريب: الجواب منع الملازمة إذ مصحح المقدورية الإمكان وهو حاصل لا الحدوث، وأيضا المعجز لفظه ولا يقال بقدمه والقديم كلام النفس ولا يقال بإعجازه، وأيضا سلمنا أن القديم لا يقدر البشر على عينه لكن لم لا يقدر على مثله، واختار العلامة
الطيبي هذا الأخير في الجواب، وقد ذكرنا في المقدمات من الكلام ما ينفعك في هذا المقام فتدبر، والله تعالى ولي الإنعام ومسدد الأفهام.
nindex.php?page=treesubj&link=32238_34237_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=88قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ أَيِ اتَّفَقُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=88عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ الْمَنْعُوتِ بِمَا لَا تُدْرِكُهُ الْعُقُولُ مِنَ النُّعُوتِ الْجَلِيلَةِ الشَّأْنِ مِنَ الْبَلَاغَةِ وَحُسْنِ النَّظْمِ وَكَمَالِ الْمَعْنَى، وَتَخْصِيصُ الثَّقَلَيْنِ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الْمُنْكِرَ لِكَوْنِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْهُمَا لَا مَنْ غَيْرِهِمَا، وَالتَّحَدِّي إِنَّمَا كَانَ مَعَهُمَا، وَإِنْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَبْعُوثًا إِلَى الْمَلَكِ كَمَا هُوَ مَبْعُوثٌ إِلَيْهِمَا لَا لِأَنَّ غَيْرَهُمَا قَادِرٌ عَلَى الْمُعَارَضَةِ؛ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ عَلَى فَرْضِ تَصَدِّيهِمْ لَهَا وَحَاشَاهُمْ إِذْ هُمْ مَعْصُومُونَ لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا مَا يُؤْمَرُونَ عَاجِزُونَ كَغَيْرِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=88لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ أَيْ: هَذَا الْقُرْآنُ وَأُوثِرَ الْإِظْهَارُ عَلَى إِيرَادِ الضَّمِيرِ الرَّاجِعِ إِلَى الْمَثَلِ الْمَذْكُورِ احْتِرَازًا عَنْ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّ لَهُ مَثَلًا مُعَيَّنًا وَإِيذَانًا بِأَنَّ الْمُرَادَ نَفِيُ الْإِتْيَانِ بِمِثْلٍ مَا؛ أَيْ: لَا يَأْتُونَ بِكَلَامٍ مُمَاثِلٍ لَهُ فِيمَا ذُكِرَ مِنَ الصِّفَاتِ الْجَلِيلَةِ الشَّأْنِ وَفِيهِمُ
الْعَرَبُ الْعُرَبَاءُ أَرْبَابُ الْبَرَاعَةِ وَالْبَيَانِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ تَعْجِيزُ الْإِنْسِ وَذَكَرَ الْجِنَّ مُبَالَغَةً فِي تَعْجِيزِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ إِذَا عَجَزُوا عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ وَمَعَهُمُ الْجِنُّ الْقَادِرُونَ عَلَى الْأَفْعَالِ الْمُسْتَغْرَبَةِ فَهُمْ عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ وَحْدَهُمْ أَعْجَزُ وَلَيْسَ بِذَاكَ، وَقِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ مِنَ الْجِنِّ مَا يَشْمَلُ الْمَلَائِكَةَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَقَدْ جَاءَ إِطْلَاقُ الْجِنِّ عَلَى الْمَلَائِكَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=158وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا نَعَمْ الْأَكْثَرُ اسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ حَيْثُ كَانُوا وَسَائِطَ فِي إِتْيَانِهِ لَا يَنْبَغِي إِدْرَاجُهُمْ إِذْ لَا يُلَائِمُهُ حِينَئِذٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=88لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ نَفْيَ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى فِي شَيْءٍ مِمَّنْ أُسْنِدَ إِلَيْهِمُ الْفِعْلُ، وَجُمْلَةُ: «لَا يَأْتُونَ» جَوَابُ الْقَسَمِ الَّذِي يُنْبِئُ عَنْهُ اللَّامُ الْمُوَطِّئَةُ، وَسَادٌّ مَسَدَّ جَزَاءِ الشَّرْطِ وَلَوْلَاهَا لَكَانَ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=88لا يَأْتُونَ جَزَاءَ الشَّرْطِ، وَإِنْ كَانَ مَرْفُوعًا بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ فِعْلَ الشَّرْطِ إِذَا كَانَ مَاضِيًا يَجُوزُ الرَّفْعُ فِي الْجَوَابِ كَمَا فِي قَوْلِ
زُهَيْرٍ: وَإِنْ أَتَاهُ خَلِيلٌ يَوْمَ مَسْغَبَةٍ يَقُولُ لَا غَائِبٌ مَالِيَ وَلَا حَرِمُ
لِأَنَّ أَدَاةَ الشَّرْطِ إِذَا لَمْ تُؤَثِّرُ فِي الشَّرْطِ ظَاهِرًا مَعَ قُرْبِهِ جَازَ أَنْ لَا تُؤَثِّرَ فِي الْجَوَابِ مَعَ بُعْدِهِ، وَهَذَا الْقَوْلُ خِلَافُ مَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ وَمَذْهَبِ الْكُوفِيِّينَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153وَالْمُبَرِّدِ كَمَا فُصِّلَ فِي مَوْضِعِهِ، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ مَعَ وُجُودِ هَذِهِ اللَّامِ جَعْلُ الْمَذْكُورِ جَوَابَ الشَّرْطِ خِلَافًا لِلْفَرَّاءِ، وَأَمَّا قَوْلُ
الْأَعْشَى: لَئِنْ مُنِيتَ بِنَا عَنْ غِبِّ مَعْرَكَةٍ لَا تُلْفِنَا عَنْ دِمَاءِ الْخَلْقِ نَنْتَفِلُ
فَاللَّامُ لَيْسَتِ الْمُوَطِّئَةَ بَلْ هِيَ زَائِدَةٌ عَلَى مَا قِيلَ فَافْهَمْ، وَحَيْثُ كَانَ الْمُرَادُ بِالِاجْتِمَاعِ عَلَى الْإِتْيَانِ بِمِثْلِ الْقُرْآنِ مُطْلَقَ الِاتِّفَاقِ عَلَى ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ التَّصَدِّي لِلْمُعَارَضَةِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى الِانْفِرَادِ أَوْ مِنَ الْمَجْمُوعِ بِأَنَّ يَتَأَلَّبُوا عَلَى تَلْفِيقِ كَلَامٍ وَاحِدٍ بِتَلَاحُقِ الْأَفْكَارِ وَتَعَاضُدِ الْأَنْظَارِ قَالَ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=88وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا أَيْ: مُعِينًا فِي تَحْقِيقِ مَا يَتَوَخَّوْنَهُ مِنَ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ، وَالْجُمْلَةُ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ؛ أَيْ: لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ بَعْضُهُمْ
[ ص: 167 ] لِبَعْضٍ ظَهِيرًا، وَلَوْ كَانَ... إِلَخْ. وَهِيَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ كَالْجُمْلَةِ الْمَحْذُوفَةِ، وَالْمَعْنَى: لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ مَفْرُوضٍ وَلَوْ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ الْمُنَافِيَةِ لِعَدَمِ الْإِتْيَانِ بِهِ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهَا وَفِيهِ رَدٌّ لِلْيَهُودِ أَوْ
قُرَيْشٍ فِي زَعْمِهِمُ الْإِتْيَانُ بِمِثْلِهِ.
فَقَدْ رُوِيَ
أَنَّ طَائِفَةً مِنَ الْأَوَّلِينَ قَالُوا: أَخْبِرْنَا يَا مُحَمَّدُ بِهَذَا الْحَقِّ الَّذِي جِئْتَ بِهِ أَحَقٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّا لَا نَرَاهُ مُتَنَاسِقًا كَتَنَاسُقِ التَّوْرَاةِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ: «أَمَا وَاللَّهِ إِنَّكُمْ لَتَعْرِفُونَهُ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى. قَالُوا: إِنَّا نَجِيئُكَ بِمِثْلِ مَا تَأْتِي بِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
وَفِي رِوَايَةٍ:
أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ قُرَيْشٍ قَالُوا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: جِئْنَا بِآيَةٍ غَرِيبَةٍ غَيْرِ هَذَا الْقُرْآنِ فَإِنَّا نَحْنُ نَقْدِرُ عَلَى الْمَجِيءِ بِمِثْلِهِ فَنَزَلَتْ.
وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْغَرِيبَةِ مَا تَضَمَّنَهُ الْآيَاتُ بَعْدُ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=90وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ إِلَخْ وَحِينَئِذٍ قِيلَ: يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْآيَةُ مَعَ الْآيَاتِ الْأُخَرِ رَدٌّ لِجَمِيعِ مَا عَنَوْهُ بِهَذَا الْكَلَامِ إِلَّا أَنَّهُ ابْتَدَأَ بِرَدِّ قَوْلِهِمْ: نَحْنُ نَقْدِرُ إِلَخِ اهْتِمَامًا بِهِ فَإِنَّ قَوْلَهُمْ ذَلِكَ مَنْشَأُ طَلَبِهِمُ الْآيَةَ الْغَرِيبَةَ.
وَفِي إِرْشَادِ الْعَقْلِ السَّلِيمِ أَنَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ حَسْمَ أَطْمَاعِهِمُ الْفَارِغَةِ فِي رَوْمِ تَبْدِيلِ بَعْضِ آيَاتِهِ بِبَعْضٍ وَلَا مَسَاغَ لِكَوْنِهَا تَقْرِيرًا لِمَا قَبْلَهَا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=86ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلا كَمَا قِيلَ لَكِنْ لَا لِمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْإِتْيَانَ بِمِثْلِهِ أَصْعَبُ مِنَ اسْتِرْدَادِ عَيْنِهِ وَنَفْيُ الشَّيْءِ إِنَّمَا يُقَرِّرُهُ نَفْيُ مَا دُونَهُ دُونَ نَفْيِ مَا فَوْقَهُ لِأَنَّ أَصْعَبِيَّةَ الِاسْتِرْدَادِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ تَعَالَى مِنَ الْإِتْيَانِ الْمَذْكُورِ مِمَّا لَا شُبْهَةَ فِيهِ، بَلْ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ الْقَسَمِيَّةَ لَيْسَتْ مَسُوقَةً إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ إِلَى الْمُكَابِرِينَ مِنْ قَبْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ انْتَهَى، وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ فِي وَجْهِ التَّقْرِيرِ: أَنَّ عَدَمَ قُدْرَةِ الثَّقَلَيْنِ عَلَى رَدِّهِ بَعْدَ إِذْهَابِهِ مُسَاوٍ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِمْ عَلَى مِثْلِهِ لِأَنَّ رَدَّهُ بِعَيْنِهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ لِعَدَمِ وُصُولِهِمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى شَأْنُهُ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا رَدُّهُ بِمِثْلِهِ فَصَرَّحَ بِنَفْيِهِ تَقْرِيرًا لَهُ مِنَ النَّظَرِ وَعَدَمِ الْجَدْوَى، هَذَا وَاسْتَدَلَّ صَاحِبُ الْكَشَّافِ بِإِعْجَازِ الْقُرْآنِ عَلَى حُدُوثِهِ؛ إِذْ لَوْ كَانَ قَدِيمًا لَمْ يَكُنْ مَقْدُورًا فَلَا يَكُونُ مُعْجِزًا كَالْمُحَالِ، وَتَعَقَّبَهُ فِي الْكَشْفِ بِأَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِي حُدُوثِ النَّظْمِ وَإِنْ تَحَاشَى أَهْلُ السُّنَّةِ مِنْ إِطْلَاقِ الْمَخْلُوقِ عَلَيْهِ لِلْإِيهَامِ وَهُوَ الْمُعْجِزُ إِنَّمَا النِّزَاعُ فِي الْمُعَبِّرِ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ الْمُعْجِزَةِ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْكَلَامِ النَّفْسِيِّ فَهُوَ اسْتِدْلَالٌ لَا يَنْفَعُهُ، وَذَكَرَ نَحْوَهُ
ابْنُ الْمُنَيِّرِ.
وَقَالَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ: الْجَوَابُ مَنْعُ الْمُلَازَمَةِ إِذْ مُصَحِّحُ الْمَقْدُورِيَّةِ الْإِمْكَانُ وَهُوَ حَاصِلٌ لَا الْحُدُوثُ، وَأَيْضًا الْمُعْجِزُ لَفْظُهُ وَلَا يُقَالُ بِقِدَمِهِ وَالْقَدِيمُ كَلَامُ النَّفْسِ وَلَا يُقَالُ بِإِعْجَازِهِ، وَأَيْضًا سَلَّمْنَا أَنَّ الْقَدِيمَ لَا يَقْدِرُ الْبَشَرُ عَلَى عَيْنِهِ لَكِنْ لِمَ لَا يُقْدَرُ عَلَى مِثْلِهِ، وَاخْتَارَ الْعَلَّامَةُ
الطِّيبِيُّ هَذَا الْأَخِيرَ فِي الْجَوَابِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ مِنَ الْكَلَامِ مَا يَنْفَعُكَ فِي هَذَا الْمَقَامِ فَتَدَبَّرْ، وَاللَّهُ تَعَالَى وَلِيُّ الْإِنْعَامِ وَمُسَدِّدُ الْأَفْهَامِ.