وقوله تعالى : ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك بيان لسرعة تأثرهم من مجيء نفس العذاب إثر بيان عدم تأثرهم من مجيء خبره على نهج التوكيد القسمي أي وبالله لئن مسهم أدنى شيء من عذابه تعالى : ليقولن يا ويلنا إنا كنا ظالمين أي ليدعن على أنفسهم بالويل والهلاك ويعترفن عليها بالظلم السابق ، وفي مستهم نفحة ثلاث مبالغات كما قال وهي كما في الكشف ذكر المس وهو دون النفوذ ويكفي في تحققه إيصال ما ، وما في النفح من معنى النزارة فإن أصله هبوب رائحة الشيء ويقال نفحته الدابة ضربته بحد حافرها ونفحه بعطية رضخه وأعطاه يسيرا ، وبناء المرة وهي لأقل ما ينطلق عليه الاسم ، وجعل السكاكي التنكير رابعتها لما يفيده من التحقير ، واستفادة ذلك إن سلمت من بناء المرة ونفس الكلمة لا يعكر عليه كما زعم صاحب الإيضاح . الزمخشري
واعترض بعضهم المبالغة في المس بأنه أقوى من الإصابة لما فيه من الدلالة على تأثر حاسة الممسوس ومما ذكر في الكشف يعلم اندفاعه لمن مسته نفحة عناية ، ولعل في الآية مبالغة خامسة تظهر بالتأمل ثم الظاهر أن هذا المس يوم القيامة كما رمزنا إليه ، وقيل في الدنيا بناء على ما روي عن رضي الله تعالى عنهما من تفسير النفحة بالجوع الذي نزل بمكة
ابن عباس