ولقد خلقنا فوقكم [ ص: 18 ] بيان لخلق ما يحتاج إليه بقاؤهم إثر بيان خلقهم، وقيل: استدلال على البعث أي خلقنا في جهة العلو من غير اعتبار فوقيتها لهم لأن تلك النسبة إنما تعرض بعد خلقهم سبع طرائق هي السماوات السبع، ( وطرائق ) جمع طريقة بمعنى مطروقة من طرق النعل والخوافي إذ وضع طاقاتها بعضها فوق بعض قاله الخليل والفراء ، فهذا كقوله تعالى: والزجاج طباقا [الملك: 3، نوح: 15] ولكل من السبع نسبة وتعلق بالمطارقة فلا تغليب، وقيل: جمع طريقة بمعناها المعروف وسميت السماوات بذلك لأنها طرائق الملائكة عليهم السلام في هبوطهم وعروجهم لمصالح العباد أو لأنها طرائق الكواكب في مسيرها.
وقال : يجوز أن يكون الطرائق بمعنى المبسوطات من طرقت الحديد مثلا إذا بسطته وهذا لا ينافي القول بكريتها، وقيل: سميت طرائق لأن كل سماء طريقة وهيئة غير هيئة الأخرى، وأنت تعلم أن الظاهر أن الهيئة واحدة، نعم أودع الله تعالى في كل سماء ما لم يودعه سبحانه في الأخرى فيجوز أن تكون تسميتها طرائق لذلك ابن عطية وما كنا عن الخلق أي عن جميع المخلوقات التي من جملتها السماوات السبع غافلين مهملين أمره بل نفيض على كل ما تقتضيه الحكمة، ويجوز أن يراد بالخلق الناس، والمعنى أن خلقنا السماوات لأجل منافعهم ولسنا غافلين عن مصالحهم، وأل على الوجهين للاستغراق وجوز أن تكون للعهد على أن المراد بالخلق المخلوق المذكور وهو السماوات السبع أي وما كنا عنها غافلين بل نحفظها عن الزوال والاختلال وندبر أمرها، والإظهار في مقام الإضمار للاعتناء بشأنها، وإفراد الخلق على سائر الأوجه لأنه مصدر في الأصل أو لأن المتعدد عنده تعالى في حكم شيء واحد.